فكل هذه الأمور تدل على تكريمه لليمين .. واعتبار ذلك، ومراعاته ...
قال الحافظ ابن رجب في فتح الباري 3/ 191:
وقد سبق هذا الحديث في باب "التيمن في الوضوء والغسل " وبسطنا القول عليه هناك، وأنه يدل على تقديم اليمنى في الأفعال الشريفة واليسرى فيما هو بخلاف ذلك، والدخول إلى المسجد من أشرف الأعمال فينبغي تقديم اليمنى فيه كتقديمها في الانتعال، والخروج منه بالعكس فينبغي تأخير اليمنى فيه كتأخيرها في خلع النعلين ..
وتوارد الشراح على تقرير ذلك ..... فلتراجع شروحهم ...
وفي شرح صحيح مسلم للنووي 14/ 74:
يستحب البداءة باليمنى فى كل ما كان من باب التكريم والزينة والنظافة ونحو ذلك كلبس النعل والخف والمداس والسراويل والكم وحلق الرأس وترجيله وقص الشارب ونتف الإبط والسواك والاكتحال وتقليم الأظفار والوضوء والغسل والتيمم ودخول المسجد والخروج من الخلاء ودفع الصدقة وغيرها من أنواع الدفع الحسنة وتناول الأشياء الحسنة ونحو ذلك ..
الثانية: يستحب البداءة باليسار في كل ما هو ضد السابق في المسألة الأولى فمن ذلك خلع النعل والخف والمداس والسراويل والكم والخروج من المسجد ودخول الخلاء والاستنجاء وتناول أحجار الاستنجاء ومس الذكر والامتخاط والاستنثار وتعاطى المستقذارات وأشباهها.
وفي طرح التثريب 8/ 133:
قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ:
التَّيَامُنُ أَمْرٌ مَشْرُوعٌ فِي جَمِيعِ الْأَعْمَالِ لِفَضْلِ الْيَمِينِ عَلَى الشِّمَالِ حِسًّا فِي الْقُوَّةِ وَالِاسْتِعْمَالِ وَشَرْعًا فِي النَّدْبِ إلَى تَقْدِيمِهَا وَصِيَانَتِهَا.
ومن أراد المزيد فليراجع كلام العلماء في شروح كتب الحديث تحت حديث عائشة المتقدم، أو أحاديث الباب، أو أحاديث الانتعال ... فقد قرروا هذا .. وكذا كتب الفقه في آداب الدخول للمسجد ... وبعضهم في أول صفة الصلاة ...
وبالنسبة لجواب الشيخ الذي ذكره الأخ الفارس ..
يقال: أنت عندما قلت: بعدم المشروعية! خالفت فهم، ورأي هؤلاء الكبار من الأعلام، ورددت ما ورد عنهم، وجانب قولك قولهم، فهل لك سلف في ذلك؟
وإن شئت فقل: حديث عائشة دل بعموم على الاستحباب، ورددت ذلك فهل لك من سلف؟
وقد ذكر ابن عبدالهادي صاحب مغني ذوي الأفهام ص 105:
ويدخل (و) المسجد بيمينه، ويخرج بيساره .. و (و) يعني وفاق الأئمة الثلاثة مع أحمد = فيكون مذهب الأربعة، وأتباعهم.
وذكر في ص 84: مستحب (ع) لمن أراد دخول الخلاء: تقديم اليسرى في الدخول، واليمنى في الخروج. و (ع) تعني الإجماع.
فالخلاء من أقذر الأماكن، وأجمع العلماء على تكريم اليمين أن تتقدم إليه، بل تكريمها بالتقدم للخروج منه.
والمسجد على العكس من ذلك، ولا يمكن أن يسوى بينهما.
والله أعلم و - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
ـ[عصام البشير]ــــــــ[21 - 02 - 04, 03:39 ص]ـ
أخي عبد الرحمن السديس
أحسنت بارك الله فيك، وقولك هو الصواب جزما، وعليه عمل الأمة والأئمة بلا خلاف نعرفه.
وما كان كذلك فلا ينبغي التجاسر على اطراحه ونبذه، من أحد علماء العصر، ما لم يكن له في ذلك سلف من الأئمة.
والفقه الأصيل ليس مرتبطا فقط بتصحيح الأحاديث وتضعيفها، بل لفقهاء الأمة مدارك رفيعة في استنباط الأحكام من قواعد الشرع المطردة، وأصوله الثابتة.
والله تعالى أعلم.
ـ[أبو نايف]ــــــــ[21 - 02 - 04, 04:03 ص]ـ
جزاكم الله خير الجزاء
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالي في (مجموع الفتاوي 21: 108): وقد استقرت قواعد الشريعة علي أن الأفعال التي تشترك فيها اليمني واليسري: تقدم فيها اليمني إذا كانت من باب الكرامة، كالوضوء والغسل والابتداء بالشق الأيمن في السواك ونتف الإبط وكاللباس والانتعال والترجل ودخول المسجد والمنزل، والخروج من الخلاء ونحو ذلك.
وتقدم اليسري في ضد ذلك كدخول الخلاء وخلع النعل والخروج من المسجد
ـ[أبو عبد الله الروقي]ــــــــ[21 - 02 - 04, 04:03 ص]ـ
لا ريب أنّ ما نقلَهُ الأخُ الفاضل عبد الرحمن السديس هو الصواب ..
وأمّا الإقدامُ على الجزمِ بخلافِ ما نصّ عليه العلماء الكبار فهو ممّا ينبغي لطالب العلم التأنّي فيه وعدَم العجلَة ..
نعم لا يجوز للمجتهد التقليد، ولكن قد رأينا من كبار الفقهاء في هذا العصر وقرأنا لغيرهِم قولَ أحدِهِم: (إن وجِد من يقول بهذا القولِ فأنا أقول به)!
وللشيخ العلاّمة الفقيه محمد العثيمين رحمه الله تعالى نحوٌ من ذلك في غيرِما مسألة ..
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[21 - 02 - 04, 04:38 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
توثيق لما قال الأخ الفاضل أبو عبد الله الروقي
في فتاوى العلامة ابن عثيمين 11/ 178
.... فإن هذا قول قوي، ولكنني لم أعلم أن أحدا قال به، فالذي يمنعني من القول به، هو أنني لم أطلع على أحد قال به، فإن كان قال به أحد من أهل العلم، فهو الصواب عندي ...
¥