ـ[محمد الأمين]ــــــــ[28 - 02 - 04, 11:16 ص]ـ
حتى لو كان ابن خلدون قد قال ذلك (ولم يقله) فهو لا يستحق اللعن. وفعل الهيثمي فحش منه. على أن عبارة ابن العربي مختلفة قليلاً.
ـ[أبوحاتم الشريف]ــــــــ[29 - 02 - 04, 10:03 ص]ـ
قال شيخ الإسلام رحمه الله:وأما من قتل الحسين أو أعان على قتله، أو رضى بذلك، فعليه لعنة اللّه والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل اللّه منه صَرْفًا ولا عَدْلًا.
وقال أيضا:والحسين ـ رضي اللّه عنه ـ أكرمه اللّه ـ تعالى ـ بالشهادة في هذا اليوم، وأهان بذلك من قتله، أو أعان على قتله، أو رضى بقتله، وله أسوة حسنة بمن سبقه من الشهداء، فإنه وأخاه سيدا شباب أهل الجنة، وكانا قد تربيا في عز الإسلام، لم ينالا من الهجرة والجهاد والصبر على الأذى في اللّه ما ناله أهل بيته، فأكرمهما اللّه ـ تعالى ـ بالشهادة؛ تكميلًا لكرامتهما، ورفعا لدرجاتهما، وقتله مصيبة عظيمة، واللّه ـ سبحانه ـ قد شرع الاسترجاع عند المصيبة بقوله تعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة: 155 - 157]. وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
(ما من مسلم يصاب بمصيبة فيقول: إنا للّه وإنا إليه راجعون، اللهم أجِرْنِي في مصيبتي، واخْلُفْ لي خيرًا منها، إلا آجره اللّه في مصيبته، وأخلف له خيرًا منها) ومن أحسن ما يذكر هنا: أنه قد روى الإمام أحمد وابن ماجه عن فاطمة بنت /الحسين عن أبيها الحسين ـ رضي اللّه عنه ـ قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلم يصاب بمصيبة فيذكر مصيبته وإن قَدُمَتْ، فيحدث عندها استرجاعًا، كتب اللّه له مثلها يوم أصيب)، هذا حديث رواه عن الحسين ابنته فاطمة التي شهدت مصرعه.
وقد علم أن المصيبة بالحسين تذكر مع تقادم العهد، فكان في محاسن الإسلام أن بلغ هو هذه السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، و هو أنه كلما ذكرت هذه المصيبة يسترجع لها، فيكون للإنسان من الأجر مثل الأجر يوم أصيب بها المسلمون.
وأما من فعل مع تقادم العهد بها ما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم عند حدثان العهد بالمصيبة فعقوبته أشد، مثل لطم الخدود وشق الجيوب، والدعاء بدعوى الجاهلية. ففي الصحيحين عن عبد اللّه بن مسعود ـ رضي اللّه عنه ـ قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: (ليس منا من ضرب الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية). وفي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري، رضي اللّه عنه ـ قال: (أنا بريء مما برئ منه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، إن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم برئ من الحالقة، والصالقة، والشاقة).
وفي صحيح مسلم عن أبي مالك الأشعري: أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: (أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر بالأحساب، /والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة على الميت). وقال: (النائحة إذا لم تَتُبْ قبل موتها، تقام يوم القيامة وعليها سِرْبَال من قَطِرَان، ودِرْع من جَرَبٍ)، والآثار في ذلك متعددة.
فكيف إذا انضم إلى ذلك ظلم المؤمنين، ولعنهم وسبهم، وإعانة أهل الشقاق والإلحاد على ما يقصدونه للدين من الفساد وغير ذلك، مما لا يحصيه إلا اللّه ـ تعالى.
وقوم من المتسننة رووا ورويت لهم أحاديث موضوعة، بنوا عليها ما جعلوه شعارًا في هذا اليوم، يعارضون به شعار ذلك القوم، فقابلوا باطلًا بباطل، وردوا بدعة ببدعة، وإن كانت إحداهما أعظم في الفساد وأعون لأهل الإلحاد، مثل الحديث الطويل الذي روى فيه: (من اغتسل يوم عاشوراء لم يمرض ذلك العام، ومن اكتحل يوم عاشوراء لم يرمد ذلك العام) وأمثال ذلك من (الخضاب يوم عاشوراء والمصافحة فيه) ونحو ذلك. فإن هذا الحديث ونحوه كذب مختلق باتفاق من يعرف علم الحديث، وإن كان قد ذكره بعض أهل الحديث وقال: إنه صحيح وإسناده على شرط الصحيح، فهذا من الغلط الذي لا ريب فيه، كما هو مبين في غير هذا الموضع.
ولم يستحب أحد من أئمة المسلمين الاغتسال يوم عاشوراء، ولا الكحل فيه والخِضاب، وأمثال ذلك، ولا ذكره أحد من علماء المسلمين الذين يقتدى بهم، /ويرجع إليهم في معرفة ما أمر اللّه به ونهى عنه، ولا فعل ذلك رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، ولا أبو بكر، ولا عمر، ولا عثمان، ولا علي.
ولا ذكر مثل هذا الحديث في شىء من الدواوين التي صنفها علماء الحديث، لا في المسندات؛ كمسند أحمد، وإسحاق، وأحمد بن مَنِيع الحميدي، والدالاني، وأبو يعلى الموصلي، وأمثالها. ولا في المصنفات على الأبواب؛ كالصحاح، والسنن. ولا في الكتب المصنفة الجامعة للمسند والآثار؛ مثل موطأ مالك، ووَكِيع، وعبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وأمثالها.
ثم إن أهل الأهواء ظنت أن من يفعل هذا أنه يفعله على سبيل نصب العداوة لأهل البيت والاشتفاء منهم، فعارضهم من تسنن، وأجاب عن ذلك بإجابة بين فيها براءتهم من النصب واستحقاقهم لموالاة أهل البيت، وأنهم أحق بذلك من غيرهم. وهذا حق. لكن دخلت عليهم الشبهة والغلط في ظنهم أن هذه الأفعال حسنة مستحبة، واللّه أعلم بمن ابتدأ وضع ذلك وابتداعه، هل كان قصده عداوة أهل البيت أو عداوة غيرهم؟ فالهدى بغير هدى من اللّه ـ أو غير ذلك ـ ضلالة.
¥