قال فى ((كتاب الجمعة)) (1443): حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ رُؤَيْبَةَ قَالَ: رَأَى بِشْرَ بْنَ مَرْوَانَ عَلَى الْمِنْبَرِ رَافِعاً يَدَيْهِ فَقَالَ قَبَّحَ اللهُ هَاتَيْنِ الْيَدَيْنِ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَزِيدُ عَلَى أَنْ يَقُولَ بِيَدِهِ هَكَذَا وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ الْمُسَبِّحَةِ
وحَدَّثَنَاه قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ رَأَيْتُ بِشْرَ بْنَ مَرْوَانَ يَوْمَ جُمُعَةٍ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فَقَالَ عُمَارَةُ بْنُ رُؤَيْبَةَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ.
وبالاقتصار على هاتين الروايتين دون النظر فى سائر روايات الحديث، فقد يتبادر إلى الفهم: النهى عن رفع اليدين بمرَّة حال الخطبة على المنبر يوم الجمعة، كما هو الظاهر من إطلاق رواية ابْنِ إِدْرِيسَ ((عَلَى الْمِنْبَرِ رَافِعاً يَدَيْهِ))، وتقييد رواية أبى عوانة بخطبة الجمعة ((يَرْفَعُ يَدَيْهِ يَوْمَ جُمُعَةٍ)).
وأقول: ولا يتضح المراد من حديث ابْنِ رُؤَيْبَةَ على التحقيق، إلا بالنظر إلى سائر رواياته، واختلاف ألفاظها، والترجيح بينها.
فاعلم أن مدار حديث عُمَارَةَ بْنِ رُؤَيْبَةَ على حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، وقد رواه عنه جمع من الأئمة الرفعاء الأثبات، وقد اختلفوا فى موضع رفع اليدين: هل كان الرفع فى الدعاء، أو عند التكلم، كما هو حال أكثر الخطباء، أنهم يحركون أيديهم يمينا وشمالا، يقصدون حمل السامعين على الانتباه والتيقظ؟.
ذكر من قال من الرواة أنه كان رافعاً يديه على المنبر بالدعاءاتفق شُعْبَةُ، وَزَائِدَةُ، وزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، وهُشَيْمٌ، ومُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، والثَّوْرِىُّ من رواية الفريابى عنه، سبعتهم على أن بِشْرَ بْنَ مَرْوَانَ كان رافعاً يديه على المنبر يدعو، وهاك التفصيل:
[رواية شعبة] قال الطيالسي (1269): حَدَّثَنَا شُعْبَةُ وَزَائِدَةُ عَنْ حُصَيْنٍ قال: رأى عُمَارَةُ بْنُ رُوَيْبَةَ بِشْرَ بْنَ مَرْوَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ ـ يعنى يَوْمَ الْجُمُعَةِ ـ قَالَ شُعْبَةُ: فَشَتَمَهُ أَوْ نَالَ مِنْهُ، وقال زائدة: قَبَّحَ اللهُ هَاتَيْنِ الْيَدَيْنِ، ما زاد رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على هكذا، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ.
وأخرجه البيهقى ((الكبرى)) (3/ 210) من طريق عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ أَنَبأ شُعْبَةُ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ رُوَيْبَةَ: أنه رأى بِشْرَ بْنَ مَرْوَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ، وَهُو عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ: انظروا إلى هذا، قَالَ: وَشَتَمَهُ، لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا يَزِيدُ عَلَى هَذَا، وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ.
[رواية زهيرٍ] قال الإمام أحمد: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: كُنْتُ إِلَى جَنْبِ عِمَارَةَ بْنِ رُوَيْبَةَ وَبِشْرٌ يَخْطُبُنَا، فَلَمَّا دَعَا رَفَعَ يَدَيْهِ، فَقَالَ عِمَارَةُ: قَبَّحَ اللهُ هَاتَيْنِ الْيَدَيْنِ، أَوْ هَاتَيْنِ الْيُدِيَّتَيْنِ، رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَخْطُبُ إِذَا دَعَا يَقُولُ هَكَذَا، وَرَفَعَ السَّبَّابَةَ وَحْدَهَا.
[رواية زائدة] قال أبو داود (1104): حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: رَأَى عُمَارَةُ بْنُ رُوَيْبَةَ بِشْرَ بْنَ مَرْوَانَ وَهُوَ يَدْعُو فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ، فَقَالَ عُمَارَةُ: قَبَّحَ اللهُ هَاتَيْنِ الْيَدَيْنِ، لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ مَا يَزِيدُ عَلَى هَذِهِ، يَعْنِي السَّبَّابَةَ الَّتِي تَلِي الإِبْهَامَ.
¥