تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[سؤال: عن صحة "رسالة إلى عابد الحرمين"]

ـ[برهان]ــــــــ[04 - 03 - 04, 06:22 ص]ـ

قرأت بحثا ينفي القصة الشهيرة بين الفضيل بن عياض و ابن المبارك رحمهما الله تعالى.

أرجو ممن لديه علم بالموضوع أن يفيدينا.

وجزاكم الله خيرا.


هذا نص البحث:

قصة رسالة
إلى عابد الحرمين
في موسم حج "179ه"

بقلم علي حشيش

نواصل في هذا التحذير تقديم البحوث العلمية الحديثية للقارئ الكريم، حتى يقف على حقيقة هذه القصة التي اشتهرت على ألسنة الخطباء والوعاظ والقصاص واتخذها البعض دليلاً على التقليل من شأن العبادة والعلم بدعوى أن لهم غاية تصبح أمامها هذه الأمور لعبًا وعبثًا.

أولاً: القصة سندًا ومتنًا

أخرج عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي السبكي في كتابه "طبقات الشافعية الكبرى" (1 - 201) قال: أخبرنا أبو العباس الأشعري بقراءتي عليه، أخبرنا سليمان بن حمزة القاضي، والحسن بن علي بن ميمون النرسي الحافظ بالكوفة، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي بن الحسن بن عبد الرحمن العلوي، أخبرنا أبو المفضل محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني قال: أملى علينا أبو محمد عبد الله بن سعيد بن يحيى الجزري القاضي بنصيبين، حفظا، في سنة سبع عشرة وثلاثمائة، قال: أملى عليَّ محمد بن إبراهيم بن أبي سكينة البهراني من كتابه بحلب سنة ست وثلاثين ومائتين، قال:

أملى عليَّ عبد الله بن المبارك هذه الأبيات بطرسوس، وودعته بالخروج للحج، وأنفذها معي إلى الفضيل- يعني ابن عياض- وذلك سنة تسع وسبعين ومائة:

يا عابد الحرمين لو أبصرتنا
لعلمت أنك في العبادة تلعبُ
من كان يخضب جيدَه بدموعه
فنحورنا بدمائنا تتخضب
أو كان يُتْعِبُ خيله في باطل
فخيولنا يوم الكريهة تتعبُ
ريح العبير لكم ونحن عبيرنا
رهجع السنابك والغبار الأطيب
ولقد أتانا عن مقال نبينا
قول صحيح صادق لا يكذب
لا يستوي وغبار خيل الله في
أنف امرئ ودخان نار تلهب
هذا كتاب الله ينطق بَيننا
ليس الشهيد بميت لا يكذب

ثانيًا: التحقيق:

قلت: هذه القصّة واهية وسندها تالف، وعلته أبو المفضل محمد بن عبد الله الشيباني، أورده الخطيب في "تاريخ بغداد" (5 - 466) ... (3010) وقال: أبو المفضل الشيباني الكوفي: نزل بغداد وحدث بها عن البغوي وابن جرير وعن خلق كثير من المصريين، والشاميين، والجزريين وأهل الثغور معروفين ومجهوللين، ثم قال:

وحدثني عبد الملك بن عبد القهار قال: أبو المفضل محمد بن عبد الله بن محمد بن عبيد الله البهلول بن همام بن المطلب بن همام بن مطر بن بحر بن مرة بن همام بن مرة بن ذهل بن شيبان سمعت الأزهري ذكر أبا المفضل فأساء ذكره، وقال: كان أبو المفضل دجالاً كذابًا.

ثم قال: أخبرنا أحمد بن محمد العتيقي قال: سنة سبع وثماثنين وثلاثمائة فيها توفي أبو المفضل الشيباني ببغداد في التاسع والعشرين من شهر ربيع الآخر وكان كثير التخليط". اه.

قلت: وأورده الإمام الذهبي في "الميزان" (3 - 607 - 7802)، ونقل قول الخطيب في أبي المفضل: "كتبوا عنه بانتخاب الدارقطني ثم بان كذبه فمزقوا حديثه وأبطلوا روايته وكان يضع الأحاديث للرافضة". اه. وأقره.

قلت: وأورده الحافظ ابن حجر في "اللسان" (5 - 261) (811 - 7596)، وأقر قول الأزهري والدارقطني والعتيقي: ثم نقل عن حمزة بن محمد بن طاهر قوله: "كان يضع الحديث". اه.

قلت: وأورده ابن عراق في "تنزيه الشريعة" (1 - 107) في سرد أسماء الوضاعين والكذابين ومن كان يسرق الحديث ويقلب الأخبار ومن اتهم بالكذب والوضع من رواة الأخبار حيث أورده في حرف الميم (166) وقال: "محمد بن عبد الله بن المطلب أبو المفضل الشيباني الكوفي عن البغوي وابن جرير: دجال يضع الحديث". اه.

قلت: بهذا التحقيق يتبين أن القصة واهية مكذوبة، فلا تعجب فقد وضعت أحاديث مكذوبة وقصص واهية على خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم.

ثالثًا: قرائن تدل على نكارة القصة

القرينة الأولى: ما كان لعبد الله بن المبارك رحمه الله أن يحتقر عبادة شيخه الفضيل بن عياض ويقول له:
يا عابد الحرمين لو أبصرتنا
لعلمت أنك في العبادة تلعب

وقد ذكر الإمام المزي في "تهذيب الكمال" (15 - 105 - 5349) أن عبد الصمد بن يزيد الصائغ قال: قال لي عبد الله بن المبارك: "إن الفضيل بن عياض صدق الله فأجرى الحكمة على لسانه فالفضيل ممَّن نفعه علمه". اه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير