ولما انتهوا من نسخ المصحف جعل منه نسخا وارسلها الى الامصار، وقد اختلف في عدد النسخ هذه، فمنهم من قال: هي اربعة، ومنهم من قال: خمسة وقيل: ستة وسبعة، ثم جمع عثمان ما سوى هذه النسخ من القرءان فأحرقها وامر الى اهل الامصار بذلك.
وقد كان جمُع عثمان رضي الله عنه للقرءان لما كثر الاختلاف في وجوه الفراءات على اختلاف لغات العرب، فتنازع اناس وخطّأ بعضهم بعضا، فخشي من تفاقم الامر في ذلك حتى جمعه على لغة قريش، ولا يعني ذلك منع قراءته بلغات العرب الاخرى وذلك.
انه جاء في صحيح البخاري قول النبي صلى الله عليه وسلم:>.
الفتواحات في عهده:
كان عهد عثمان عهد فتوحات ففي عهده فتحت أرمينية وأذربيجان وإفريقية وبدأ غزو الروم برا وبحرا , وفتحت جزيرة قبرص, وفي سنة 27هـ أرسل حملة بحرية لغزو سواحل الأندلس ,وهو أول من فكر في فتح القسطنطينية واقتحام أوربا عن طريق إسبانيا للوصول إليها, وكان أمره بغزو سواحل إسبانيا لهذه الغاية.
منزلته عند الصحابه رضون الله عليهم:
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال
كنا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لا نعدل بأبي بكر أحدا ثم عمر ثم عثمان ثم نترك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا نفاضل بينهم. رواه البخاري
وروى الامام احمد رضي الله عنه عن رُهَيْمة جدة الزبير بن عبد الله انها قالت: كان عثمان يصوم الدهر ويقوم الليل إلا هجعة من اوله.
وقال ابن سيرين رحمه الله: قالت امرأة عثمان بن عفان رضي الله عنه حين اطافوا يريدون قتله: إن تقتلوه او تتركوه فقد كان يحيي الليل كله في ركعة يجمع فيها القرءان. رواه ابن الجوزي.
عن عثمان بن عبد الله بن موهب
أن رجلا من أهل مصر حج البيت فرأى قوما جلوسا فقال من هؤلاء قالوا قريش قال فمن هذا الشيخ قالوا ابن عمر فأتاه فقال إني سائلك عن شيء فحدثني أنشدك الله بحرمة هذا البيت أتعلم أن عثمان فر يوم أحد قال نعم قال أتعلم أنه تغيب عن بيعة الرضوان فلم يشهدها قال نعم قال أتعلم أنه تغيب يوم بدر فلم يشهد قال نعم قال الله أكبر فقال له ابن عمر تعال أبين لك ما سألت عنه أما فراره يوم أحد فأشهد أن الله قد عفا عنه وغفر له وأما تغيبه يوم بدر فإنه كانت عنده أو تحته ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم لك أجر رجل شهد بدرا وسهمه وأمره أن يخلف عليها وكانت عليلة وأما تغيبه عن بيعة الرضوان فلو كان أحد أعز ببطن مكة من عثمان لبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم مكان عثمان بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان إلى مكة وكانت بيعة الرضوان بعد ما ذهب عثمان إلى مكة قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده اليمنى هذه يد عثمان وضرب بها على يده فقال هذه لعثمان قال له اذهب بهذا الآن معك
استشهاده رضي الله عنه:
لما تمت الفتوحات للامة الاسلامية وقوي الملك في الامصار واختلطت العرب بالامم والاقوام المختلفة واللغات وكثر الطعن والقيل والقال في المدينة المنورة، كتب رؤساء الفتنة الى جماعتهم في الامصار يستقدمونهم الى المدينة إرادة الفتنة والمكيدة للخليفة، فحاصروه في بيته اياما وكان سيدنا عثمان رضي الله عنه يقول: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إليّ فانا صابر عليه. رواه الترمذي.
فعن عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا عثمان انه لعل الله يقمصك قميصا (اي الخلافة)، فإن ارادك المنافقون على خلعه فلا تخلعه حتى تلقاني. اخرجه الحاكم والترمذي.
فلما بلغ سيدنا عليا رضي الله عنه ان اصحاب الفتنة حاصروا عثمان ومنعوه الماء وارادوا قتله، ارسل اليه بثلاث قرب مملوءة بالماء وقال للحسن والحسين: اذهبا بسيفكما حتى تقوما على باب عثمان فلا تدعا احدا يصل اليه، وبعث الزبير ابنه، وبعث طلحة ابنه وبعث عدة من الصحابة ابناءهم يمنعون الناس من ان يدخلوا على عثمان رضي الله عنه.
ولكن رجالا من الذين ارادوا بسيدنا عثمان شرا تسوّروا من دار رجل من الانصار حتى دخلوا عليه وكان يقرأ القرءان وهو صائم، فضربه احدهم بالسيف فأكبت عليه نائلة زوجته فقطعت اصابع يدها ولم يكن مع عثمان رضي الله عنه سواها في الدار، فقتل شهيدا رضي الله تعالى عنه يوم الجمعة لثمان عشرة ليلة خلت من شهر ذي الحجة سنة خمس وثلاثين للهجرة، وعمره تسعون، وقيل اكثر من ذلك، وقيل اقل، ودفن ليلة السبت بين المغرب والعشاء بمقبرة البقيع بالمدينة المنورة وصلى عليه الزبير.
وقد قال سيدنا عثمان رضي الله عنه قبل قتله: اني رأيت البارحة رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وابا بكر وعمر فقالوا: اصبر فإنك تفطر عندنا القابلة.
وقد اورد ابن الاثير في كتابه > ابياتا لحسان بن ثابت الانصاري في الذين قدموا المدينة من مصر واجتمعوا على قتله:
اتركتم غزو الدروب وراءكم ــــ وغزوتمونا عند قبر محمد
فلبئس هدي المسلمين هديتم ــــ ولبئس امر الفاجر المتعمد
ان تقدموا نجعل قرى سرواتكم ــــ حول المدينة كلّ لين مذود
او تدبروا فلبئس ما سفرتم ــــ ولمثل امر اميركم لم يرشد
وكأن اصحاب النبي عشية ــــ بدن تُذبَح عند باب المسجد
ابكي ابا عمرو لحسن بلائه ــــ امسى ضجيعا في بقيع الغرقد
و بهذا الحد نكتفي
و نلقائكم ان شاء الله مع فضائل علي ابن ابي طالب رابع الخلفاء الراشدين و ابن عم رسول الله صلى الله عليه و سلم
و السلام عليكم
كتبه: محمد المزروعي