تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الثالث: تبديل الحج: قال مجاهد بإسناد آخر: {إنما النسيء زيادة في الكفر} قال: حجوا في ذي الحجة عامين، ثم حجوا في المحرم عامين، ثم حجوا في صفر عامين، فكانوا يحجون في كل سنة في كل شهر عامين حتى وافت حجة أبي بكر في ذي القعدة، ثم حج النبي في ذي الحجة، فذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح في خطبته: " إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض "، رواه ابن عباس وغيره، واللفظ له قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أيها الناس، اسمعوا قولي، فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد يومي هذا في هذا الموقف أيها الناس، إن دماءكم وأموالكم حرام إلى يوم تلقون ربكم، كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا، في بلدكم هذا، وإنكم ستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم. وقد بلغت، فمن كان عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها، وإن كل ربا موضوع، ولكم رءوس أموالكم، لا تظلمون ولا تظلمون، قضى الله أن لا ربا، وإن ربا عباس بن عبد المطلب موضوع كله، وإن كل دم في الجاهلية موضوع، وإن أول دمائكم أضع دم ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، كان مسترضعا في بني ليث فقتلته هذيل، فهو أول ما أبدأ به من دماء الجاهلية.

أما بعد، أيها الناس، فإن الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم، ولكنه إن يطع فيما سوى ذلك مما تحقرون من أعمالكم فقد رضي به، فاحذروه أيها الناس على دينكم، وإن النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا إلى قوله ما حرم الله، وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق السماوات والأرض، وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً، منها أربعة حرم: ثلاث متواليات، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان "، وذكر سائر الحديث.

" أحكام القرآن " (2/ 503 - 504).

2. أما التشاؤم من شهر صفر فقد كان مشهوراً عند أهل الجاهلية ولا زالت بقاياه في بعض من ينتسب للإسلام.

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا عدوى ولا طيرة ولا هامَة ولا صَفَر وفر من المجذوم كما تفر من الأسد ".

رواه البخاري (5387) ومسلم (2220).

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

و " صفر " فُسِّر بتفاسير:

الأول: أنه شهر صفر المعروف، والعرب يتشاءمون به.

الثاني: أنه داء في البطن يصيب البعير، وينتقل من بعير إلى آخر، فيكون عطفه على العدوى من باب عطف الخاص على العام.

الثالث: صفر: شهر صفر، والمراد به النسيء الذي يُضل به الذين كفروا، فيؤخرون تحريم شهر المحرم إلى صفر، يحلونه عاماً ويحرمونه عاماً.

وأرجحها: أن المراد: شهر صفر، حيث كانوا يتشاءمون به في الجاهلية.

والأزمنة لا دخل لها في التأثير وفي تقدير الله عز وجل، فهو كغيره من الأزمنة يُقدَّر فيه الخير والشر.

وبعض الناس إذا انتهى من عمل معين في اليوم الخامس والعشرين - مثلاً - من صفر أرَّخ ذلك وقال: انتهى في الخامس والعشرين من شهر صفر الخير، فهذا من باب مداواة البدعة بالبدعة، فهو ليس شهر خير ولا شر؛ ولهذا أنكر بعض السلف على من إذا سمع البومة تنعق قال: " خيراً إن شاء الله "، فلا يقال خير ولا شر، بل هي تنعق كبقية الطيور.

فهذه الأربعة التي نفاها الرسول صلى الله عليه وسلم تدل على وجوب التوكل على الله وصدق العزيمة وألا يضعف الملم أمام هذه الأمور.

وإذا ألقى المسلم بالَه لهذه الأمور فلا يخلو من حالين:

الأولى: إما أن يستجيب لها بأن يقدم أو يحجم، فيكون حينئذٍ قد علَّق أفعاله بما لا حقيقة له.

الثانية: أن لا يستجيب بأن يقدم ولا يبالي، لكن يبقى في نفسه نوع من الهم أو الغم، وهذا وإن كان أهون من الأول لكن يجب أن لا يستجيب لداعي هذه الأمور مطلقاً، وأن يكون معتمداً على الله عز وجل …

والنفي في هذه الأمور الأربعة ليس نفياً للوجود؛ لأنها موجودة، ولكنه نفي للتأثير، فالمؤثر هو الله، فما كان سبباً معلوماً فهو سبب صحيح، وما كان سبباً موهوماً فهو سبب باطل، ويكون نفياً لتأثيره بنفسه ولسببيته …

" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (2/ 113، 115).

ثانياً:

ما ورد في الشرع مما يخالف أهل الجاهلية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير