لكن الأصل فيها الاستقامة والصحة ولذلك البخاري قد خرج له عدة أحاديث في الصحيحين بل في مسلم عدة أحاديث من رواية أبومعاوية عن هشام بن عروة فالأصل في روايته الاستقامة حتى يدل دليل على غير ذلك.
وهذا مرجعه إلى قاعدة مهمة من قواعد الجرح والتعديل وهي ما يسمى بالجرح النسبي فأحيانا الراوي قد يجرح جرحاً نسبياً ليس جرحاً تاماً يعنى بالنسبة لغيره يعنى مثل أبو معاوية هنا فأبومعاوية
ثبتت ثقته وثبت ضبطه وعدالته لكن مس ببعض الكلام فهذا الكلام لا يفيد رد حديثه وإنما يفيد أن له بعض الأخطاء وله أوهام فينبغى الإنتباه لها فيما يتعلق بهذا الأمر.
قوله [الأعمش]
هو سليمان بن مهران الأسدي الكاهلى أبومحمد الكوفي وهو من الطبقة الخامسة توفي في عام ثمان وأربعين ومائة وقيل سبع وأربعين ومائة وقد خرج له الجماعة.
والأعمش اتفق أهل الحديث على إمامته وجلالته وحفظه وعبادته وعلمه وهو مكثر من الرواية رحمه الله تعالى وكان ممن دار عليهم الإسناد ولكنه رحمه الله تُكلم فيه بأشياء:
أول هذه الأشياء التدليس فكان يدلس أحياناً رحمه الله فهذا التدليس الذي تكلم فيه ــ في الأعمش ــ بسببه هو لم يكثر من هذا التدليس وإنما أحياناُ كان يدلس كما قال أبو زرعة الرازي في العلل لابن أبي حاتم قال عن الأعمش ربما دلس، فهو أحياناً قد يدلس.
فالأصل في روايته في روايته أنها محمولة على السماع والاتصال حتى يدل دليل على خلاف ذلك وذلك لقلة تدليسه لأنه مقل من التدليس ليس بالمكثر كما قال أبو زرعة وكما يفهم من صنيع البخاري ومسلم وغيرهم من أهل العلم بالحديث فتجد هناك عدة أحاديث قد رووها للأعمش عن شيوخه بالعنعنة لكن هذا لابد فيه من شروط يعنى الأصل في رواية الأعمش أنها محمولة على الاتصال لكن لا بد من شروط:
الشرط الأول: هو استقامة المتن.
الشرط الثاني: استقامة الإسناد.
الشرط الثالث: لابد يثبت سماع الأعمش من هذا الشيخ.
فإذا توفرت هذه الشروط الثلاث فالأصل في روايته أنها محمولة على السماع والاتصال لأن القول بأنه يدلس هذا كما تقدم هو مقل فعندما يعنعن قد يكون دلس هذا احتمال والأصل ماذا؟
الأصل هو السماع هذا هو الأصل.
يعنى الأصل في رواية الأعمش عمن ثبت سماعه له الأصل هنا السماع والاتصال.
وأما إذا عنعن فهنا يكون يحتمل أنه دلس فهذا الاحتمال لا نقدمه على الأصل والأغلب والأكثر.
وهذا كما ذكرت صنيع البخاري ومسلم وغيرهم من أهل العلم بالحديث.
وهذه مسألة قد يكون ــ تحتاج إلى شرح أكثر من هذا ــ
لأن مسألة التدليس وقع فيها خلط كثير من المتأخرين فجعلوا كل شخص يوصف بالتدليس سواء كان مكثراً أو مقل وسواء كان يدلس عن الثقات أو عن الضعفاء وسواء كان يدلس تدليس الشيوخ أو تدليس الإسناد أو تدليس القطع التدليس ثمانية أنواع وليس بنوع واحد.
فبعض الناس خلط هذه القضايا وجعل كل واحد موصوف بالتدليس وعنعن خلاص خبره مردود!! هذا ليس بصحيح.
بل يفرق ما بين من يكثر من التدليس وبين من هو مقل وما بين من يدلس التدليس الذى يكون في الإسناد ويدخل فيه كذلك تدليس أيضاً التسوية وما بين من يدلس تدليس الشيوخ أو تدليس العطف أو تدليس المتابعة أو السكوت والقطع إلى غير ذلك من أنواع التدليس فأقول لا بد من التفريق بين هذه القضايا فلكل قضية لها حكمها.
فالمقصود أن الخلاصة أن التدليس على قسمين طبعاً بعض أهل العلم كالحافظ ابن حجر وقبله العلائي جعلوا المدلسين على خمسة أقسام والأقرب والله أعلم أن التدليس على قسمين:
إما أن يكون هذا المدلس ممن إشتهر حفظه وضبطه وكثرة روايته كالأعمش وأبو إسحاق السبيعى وسفيان الثورى وابن عيينه والزهرى وقتادة فهؤلاء مقلين من التدليس هؤلاء حفاظ كبار أحياناً قد يدلسون ثم هم إذا دلسوا كثيراً ما يبينون عندما تجمع طرق هذا الخبر يقول أُخبرت أو حدثت فهولاء هم من القسم الأول الأصل في روايتهم أنها محمولة على السمع والاتصال بالشروط السابقة.
وأما القسم الثاني: فهم الذين إما أن يكونوا ضعفاء أو يكونوا ثقات لكن أكثروا جداً من التدليس كبقية بن الوليد أوالوليد ين مسلم فهؤلاء أكثروا من جداً من التدليس فهولاء نعم لابد أن يصرحوا بالتحديث وأما بالنسبة للقسم الأول فالأصل في روايتهم أنها محمولة على السماع والاتصال ومنهم الأعمش.
قوله [إبراهيم التيمى]
إبراهيم هو ابن يزيد التيمى وتوفى قبل المائة وكان مشهوراً بالعبادة وبالفضل وهو كوفي وقرينه إبراهيم بن يزيد النخعي الكوفي مشهور بالفقه وأما إبراهيم بن يزيد التيمي طبعاً هذا التيمي ليس تيم قريش وإنما تيم الرباذ وهو ابن عم تميم.
فأقول: إبراهيم بن يزيد التيمي مشهور بالعبادة وكلهم من ا لثقات الأثبات لكن الشهرة لإبراهيم النخعي أكثر في باب العلم والفقه.
قوله [الحارث بن سويد]
هو النخعي وهو ثقة من كبار التابعين.
قوله [عن عبدالله]
هو ابن مسعود.
طبعاً الحديث ثابت في الصحيح قد خرجه الإمام مسلم وهذا الإسناد إسناد صحيح وهو مسلسل بالثقات الأثبات المشهورين ولعليّ أقف على هذا. والله أعلم إنتهى كلام الشيخ العلامه عبدالله بن عبد الرحمن السعد حفظه الله تعالى وغفر له وجزاه الله خيراً
هذا آخر المجلس والحمد لله رب العالمين
يليه المجلس الآخر وفق الله الجميع إلى مايحبه ويرضاه
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
¥