تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأخرج مسلم عن مسروق قال جاء إلى عبد الله رجل فقال تركت في المسجد رجلاً يفسر القرآن برأيه يفسر هذه الآية يوم تأتي السماء بدخان مبين (الدخان 21) قال يأتي الناس دخان يوم القيامة فيأخذ بأنفاسهم حتى يأخذهم منه كهيئة الزكام فقال عبد الله من علم علما فليقل به ومن لا يعلم فليقل الله أعلم فإن من فقه الرجل إن يقول لما لا يعلم الله أعلم إنما كان هذا أن قريشا لما استعصت على النبي دعا عليهم بسنين كسني يوسف فأصابهم قحط وجهد حتى جعل الرجل ينظر إلى السماء فيرى بينه وبينها كهيئة الدخان من الجهد حتى أكلوا العظام فأتى النبي رجل فقال يا رسول الله استغفر الله لمضر فإنهم قد هلكوا فقال لمضر إنك لجريء قال فدعا الله لهم فأنزل الله إنا كاشفوا العذاب قليلاً إنكم عائدون (الدخان 51) قال فمطروا فلما أصابهم الرفاهية قال عادوا إلى ما كانوا عليه فأنزل الله تعالى فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين يغشى الناس هذا عذاب أليم يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون (الدخان 01 11) يعني يوم بدر انتهى

وقد علمت أن الأحاديث يفسر بعضها بعضا وذلك أن أبا سفيان لما قال ادع الله لهم قرأ النبي قوله تعالى فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين (الدخان 01) كما في رواية البخاري عن محمد بن كثير الذي ذكرناه وصرح في رواية مسلم أنه لما دعا الله لها أنزل الله تعالى إنا كاشفوا العذاب قليلاً إنكم عائدون (الدخان 51) فقبل الله دعاءه فمطروا فلما أصابهم الرفاهية عادوا إلى ما كانوا عليه فأنزل الله تعالى فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين (الدخان 01) المعني فانتظر يا محمد عذابهم ومفعول ارتقب محذوف وهو عذابهم

قوله يغشى الناس صفة للدخان في محل الجر يعني يشملهم ويلبسهم وقيل يوم تأتي السماء (الدخان 01) مفعول فارتقب (الدخان 01) قوله هذا عذاب أليم (الدخان 11) يعني يملأ ما بين المشرق والمغرب يمكث أربعين يوما وليلة أما المؤمن فيصيبه منه كهيئة الزكام وأما الكافر كمنزلة السكران يخرج من منخريه وأذنيه ودبره وقوله هذا عذاب أليم ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون (الدخان 21) كل ذلك منصوب المحل بفعل مضمر وهو يقولون ويقولون

منصوب على الحال أي قائلين ذلك قوله إنا مؤمنون (الدخان 21) موعدة بالإيمان إن كشف عنهم العذاب قال الله تعالى أنَّى لهم الذكرى (الدخان 31) أي من أين لهم التذكر والاتعاظ بعد نزول البلاء وحلول العذاب (و) الحال أنه قد جاءهم رسول (الدخان 31) بما هو أعظم من ذلك وأدخل في وجوب الأذكار من كشف الدخان وهو ما ظهر على رسول الله من الآيات البينات من الكتاب المعجز وغيره من المعجزات فلم يذكروا وتولوا عنه وبهتوه بأن عداسا غلاما أعجميا لبعض ثقيف هو الذي علمه ونسبوه إلى الجنون وهو معنى قوله ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون (الدخان 41) ثم قال إنا كاشفوا العذاب قليلاً إنكم عائدون (الدخان 51) إلى (كفركم) ثم قال يوم نبطش البطشة الكبرى (الدخان 61) وهو يوم بدر كما في متن حديث الباب وعن الحسن البطشة الكبرى يوم القيامة

قوله فقد مضت إلى آخره من كلام ابن مسعود رضي الله تعالى عنه ولم يسنده إلى النبي وقال ابن دحية الذي يقتضيه النظر الصحيح حمل أمر الدخان على قضيتين إحداهما وقعت وكانت والأخرى ستقع قلت فعلى هذا هما دخانان أحدهما الذي يملأ ما بين السماء والأرض ولا يجد المؤمن منه إلا كالزكمة وهو كهيئة الدخان وهيئة الدخان غير الدخان الحقيقي والآخر هو الدخان الذي يكون عند ظهور الآيات والعلامات ويقال هو من آثار جهنم يوم القيامة ولا يمتنع إذا ظهرت تلك العلامات أن يقولوا ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون (الدخان 21)

قوله واللزام اختلف فيه فذكر ابن أبي حاتم في تفسره أنه القتل الذي أصابهم ببدر روى ذلك عن ابن مسعود وأبي بن كعب ومحمد بن كعب ومجاهد وقتادة والضحاك قال القرطبي فعلى هذا تكون البطشة واللزام واحدا وعن الحسن اللزام يوم القيامة وعنه أنه الموت

وقيل يكون ذنبكم عذابا لازما لكم وفي (المحكم) اللزام الحساب وفي (الصحيح) عن مسروق عن عبد الله قال خمس قد مضين الدخان واللزام والروم والبطشة والقمر قوله وآية الروم وهو أن المسلمين حين اقتتلت فارس والروم كانوا يحبون ظهور الروم على فارس لأنهم أهل كتاب وكل كفار قريش يحبون ظهور فارس لأنهم مجوس وكفار قريش عبدة أوثان فتخاطر أبو بكر وأبو جهل في ذلك أي أخرجا شيئا وجعلوا بينهم مدة بضع سنين فقال إن البضع قد يكون إلى تسع أو قال إلى سبع فزده في المدة أو في الخطار ففعل فغلبت الروم فقال تعالى آلم غلبت الروم (الروم 1 و2) يعني المدة الأولى قبل الخطاب ثم قال وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين (الروم 3 و4) إلى قوله يفرح المؤمنون بنصر الله (الروم 4 و5) يعني بغلبة الروم فارسا وربما أخذوا من الخطار وقال الشعبي كان القمار في ذلك الوقت حلالاً والله تعالى أعلم) انتهى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير