وكل من شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة شهدنا له بها .... ولا نجزم لأحد من أهل القبلة بجنة ولا نار، إلا من شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم لكنا نرجو للمحسن ونخاف على المسيء. اهـ
قال الشيخ ابن عثيمين في شرح اللمعة (ص144):
الشهادة بالجنة أو بالنار ليس للعقل فيها مدخل فهي موقوفة على الشرع فمن شهد له الشارع بذلك؛ شهدنا له، ومن لا؛ فلا، لكننا نرجو للمحسن، ونخاف على المسيء
وتنقسم الشهادة إلى قسمين عامة وخاصة:
فالعامة: هي المعلقة بالوصف، مثل أن نشهد لكل مؤمن بأنه في الجنة، أو لكل بأنه في النار، أو نحو ذك من الأوصاف التي جعلها الشارع سبباً لدخول الجنة.
والخاصة: هي المعلقة بشخص، مثل أن نشهد لشخص معين بأنه في الجنة أو لشخص معين بأنه في النار، فلا نعيّن إلا ما عيّنه الله أو رسوله. اهـ
وقال الإمام أحمد في أصول السنة (ص 50):
ولا نشهد على أهل القبلة بعمل يعمله بجنة ولا نار، نرجو للصالح ونخاف عليه ونخاف على المسيء المذنب، ونرجو له رحمة الله. اهـ
وهي عين كلمة علي بن المديني كما جاءت في اعتقاد أهل السنة لللالكائي (1/ 162).
وروى عن سفيان الثوري قوله: يا شعيب بن حرب لا ينفعك ما كتبت لك حتى لا تشهد لأحد بجنته ولا نار إلا للعشرة الذين شهد لهم رسول الله وكلهم من قريش. اهـ
وقال الإمام أبو عمرو الداني في الرسالة الوافية (ص 96):
ومن قولهم: أن لا ينزل أحد من أهل القبلة جنة ولا نارا إلا من ورد التوقيف بتنزيله، وجاء الخبر من الله تبارك وتعالى، ورسوله عن عاقبة أمره.
وقال الإمام أبو عثمان الصابوني في اعتقاد أصحاب الحديث (ص 96): ويعتقد ويشهد أصحاب الحديث أن عواقب العباد مبهمة لا يدرى أحد بم يُختم له، ولا يحكمون لواحد بعينه أنه من أهل الجنة، ولا يحكمون على أحد بعينه أنه من أهل النار؛ لأن ذلك مغيّب عنهم لا يعرفون على ما يموت عليه الإنسان، أعلى الإسلام أم على الكفر.
وقال الإمام البربهاري في شرح السنة (ص 30): ومن كان من أهل الإسلام فلا تشهد له بعمل خير ولا شر فإنك لا تدري بما يختم له عند الموت ترجو له رحمة الله وتخاف عليه ذنوبه لا تدري ما سبق له عند الموت إلى الله من الندم وما أحدث الله في ذلك الوقت إذا مات على الإسلام ترجو له الرحمة وتخاف عليه ذنوبه وما من ذنب إلا وللعبد منه توبة. اهـ
وقال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب في كتابه: جواب أهل السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والزيدية:
لا أحد يشهد لأحد بالجنة أو النار إلا من ثبت له ذلك .. وأهل السنة والجماعة لا يشهدون لِمُعَيَّنٍ بالجنة إلا لمن شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه من أهل الجنة، كالعشرة وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم، الذين ثبتت الأحاديث في تعيينهم أنهم من أهل الجنة. وأما مَنْ سواهم فلا يشهدون له بذلك، ولكنهم يرجون لجميع المؤمنين دخول الجنة، ويخافون على مَنْ أذنب من النار، ولا يقطعون لمعين بأنه من أهل الجنة أو من أهل النار إلا من ثبت له ذلك. اهـ
فهذا مذهب جمهور أهل السنة كما ترى ..
المذهب الثاني:
وهو مذهب بعض أهل السنة والجماعة: وهو جواز الشهود لمعين بجنة أو نار.
وممن ذهب إلى ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية بشرط شهادة الأمة .. كما سيأتي ..
واستدل هذا الفريق بحديث: المؤمنون شهداء الله في الأرض ..
أما الاستدلال بحديث: المؤمنون شهداء الله في الأرض.
فنقول والله المستعان: هو حديث أنس في الصحيحين قال:
مر على النبي صلى الله عليه وسلم بجنازة فأثني عليها خيرا فقال النبي صلى الله عليه وسلم وجبت، ومر عليه بجنازة أخرى فأثني عليها شرا فقال النبي صلى الله عليه وسلم وجبت، فقيل يا رسول الله: قلت لذلك وجبت وقلت لهذه وجبت؟ فقال:
شهادة القوم، المؤمنون شهداء الله في الأرض.
ومثله حديث: يوشك أن تعرفوا أهل الجنة من أهل النار! قالوا بم ذاك يا رسول الله؟ قال بالثناء الحسن والثناء السيئ، أنتم شهداء الله بعضكم على بعض.
الحديث رواه أحمد وابن ماجة والحاكم والبيهقي وحسنه الألباني
¥