تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد تواترت نصوص الكتاب والسنة والتطبيق العملي الذي سار عليه السلف الصالح، من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته على هذين الأمرين.

وقد اتفق العلماء على تحريم زواج المسلمين من غير أهل الكتاب – وهن اليهوديات والنصرانيات – وفي المجوسيات والصابئيات خلاف، وحديث (سنوا بهم [أي المجوس] سنة أهل الكتاب) ضعفه العلماء، ومع ضعفه حملوه على أخذ الجزية منهم، لا على نحاح نسائهم. يراجع نصب الراية (3/ 170)]

قال ابن قدامة رحمه الله: "وسائر الكفار غير أهل الكتاب، كمن عبد ما استحسن من الأصنام والأحجار والشجر والحيوان، فلا خلاف بين أهل العلم في تحريم نسائهم وذبائحهم، وذلك لما ذكرنا من الآيتين [يعني آية الممتحنة وآية البقرة السابقتين] وعدم المعارض لهما.

والمرتدة يحرم نكاحها على أي دين كانت، لأنه لم يثبت لها حكم أهل الدين الذي انتقلت إليه في إقرارها عليه، ففي حلها أولى. " [المغني (7/ 121)].

وإذا خرجت الكتابية عن دينها إلى عبادة الأوثان، صار حكمها حكم الوثنية، لا يجوز نكاحها للمسلم، وإن ادعت أنها من أهل الكتاب، وكذلك إذا ألحدت، فأنكرت الدين مطلقا، كما هو حال الشيوعيين في هذا العصر.

قال الخرقي رحمه الله: "وإذا تزوج كتابية، فانتقلت إلى دين آخر من الكفر غير دين أهل الكتاب، أجبرت على الإسلام، فإن لم تسلم حتى انقضت عدتها انفسخ نكاحها" [نفس المرجع (7/ 122)]

وإذا لم يجز استدامة نكاحها، فابتداؤه أولى بعدم الجواز.

وينبغي أن يعلم أن المسلمة لا يجوز –ولا يصح- أن ينكحها كافر مطلقا، سواء كان كتابيا أو غير كتابي، وعلى ذلك إجماع العلماء في قديم الزمان وحديثه، وبهذا يعلم شناعة ما نقل من فتوى عن بعض من يدعي الاجتهاد في هذا العصر، من جواز بقاء امرأة مسلمة تزوجت جهلا بنصراني، بدعوى أن الضرورة اقتضت تلك الفتوى!!!

لكن إذا أسلمت الزوجة، وبقي الزوج على دينه، ثم دخل في الإسلام قبل انتهاء عدتها، فهما على نكاحهما الأول، على الصحيح، وقيل يفسخ نكاحهما بمجرد إسلامه. [راجع المغني لابن قدامة (7/ 118)]


حكم الزواج بالكتابية.

أما زواج المسلم بالمرأة الكتابية – وهي اليهودية والنصرانية فقط، على الصحيح من أقوال العلماء، فالكلام فيه ينحصر في الفصول الثلاثة الآتية:
[وقد رأى بعض العلماء، ومنهم ابن حزم رحمه الله، كما في المحلى (9/ 445) بأن حكم المجوسية حكم الكتابية، وهو رأي الإمام الشوكاني رحمه الله، كما في السيل الجرار (2/ 252 - 254). و راجع المغني لابن قدامة رحمه الله (7/ 130 - 131)]

الفصل الأول:
حكم
الزواج بالكتابية في دار الإسلام.

تمهيد:
ورد النهي صريحا في نكاح المشركات وعدم حلهن للمسلمين، في آية البقرة: ?ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن?، وآية الممتحنة ?ولا تمسكوا بعصم الكوافر? وظاهر النهي العموم في كل كافرة ومشركة.
وورد الإذن بحل طعام أهل الكتاب ونسائهم للمسلمين، على وجه الخصوص في قوله تعالى: ?اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين ? [المائدة: 5]

وعندما نزلت هذه الآيات الحاظرة أو المبيحة، كانت الأرض تنقسم قسمين:
القسم الأول: دار الإسلام التي ترتفع فيها راية الإسلام، ويقام بها هذا الدين، وتنفذ فيها أحكام الشيعة.
القسم الثاني: دار الحرب التي بينها وبين المسلمين حرب لا يوقفها إلا دخول أهلها في الإسلام، أو خضوعهم لنظامه العام ودفع الجزية، مع بقائهم على دينهم، فيكونون بذلك أهل ذمة تدخل أرضهم في دار الإسلام.
ولم يكن المسلمون يسكنون في دار الحرب، لأن الله تعالى أمرهم بالهجرة منها إلى دار الإسلام، ونهاهم عن المقام بين ظهراني المشركين، لا فرق بين أهل مكة – قبل فتحها – وغيرها، والأصل أن الهجرة من بلاد الحرب إلى دار الإسلام باقية إلى يوم القيامة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير