تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وحكم امرأته الكتابية التي أحلها الله له، كحكم أمه وأبيه وأقاربه المشركين، الذين قال الله تعالى في شأنهم: ?عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة والله قدير والله غفور رحيم لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون ? [الممتحنة 7 - 9] والبر هو الصلة الدنيوية.

الأمر الثالث: أن الأصل في المسلم الذي يتزوج الكتابية، أن يجتهد في دعوتها إلى الإسلام، لأن من أهم أهداف حلها له، أن يرغبها في الإسلام لتدخل فيه ن كما قال علاء الدين الكاساني "فكان في نكاحه إياها رجاء إسلامها، فيجوز نكاحها لهذه العاقبة الحميدة، بخلاف المشركة .. " [بدائع الصنائع (3/ 1414) وراجع حاشية منهاج النووي (3/ 187)]

والخلاصة: أن زواج المسلم بالكتابية التي لم تخرج عن دينها إلى الوثنية أو الإلحاد، جائز مع الكراهة، إذا تزوجها في دار الإسلام – وهي الذمية –

وبهذا يعلم أن الراجح هو مذهب الجمهور لما مضى من الأدلة.

وسبب القول بالكراهة خشية تأثير الكتابية على زوجها المسلم وأسرته وأولاده، بمعتقدها أو عاداتها وأخلاقها التي تخالف الإسلام.

والله أعلم.


الفصل الثاني:
حكم زواج المسلم
بالكتابية في دار الحرب

تمهيد
الآية التي دلت على جواز زواج المسلم بالكتابية، لم تفرق بين أن يتزوجها في دار الإسلام أو في دار الحرب.
ولكن دار الحرب تختلف عن دار الإسلام، بأن السيطرة في دار الإسلام للمسلمين الذين هم أهل الحل والعقد، يحكمون بشريعة الله التي أنزلها في كتابه وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وتظهر فيها شعائر الإسلام، واحتمال ميل الزوجة إلى دين زوجها المسلم وارد، كما أن احترامها لآداب الإسلام، وعدم مجاهرتها بما يخالفها أقرب، إرضاءً لزوجها الذي يغيظه مخالفة دينه في الأخلاق وارتكاب المحرمات، وإن تساهل فيه مراعاة لمعتقدها الذي تزوجها مع علمه به.
وهذا بخلاف دار الحرب التي تكون الهيمنة والسيطرة فيها للكفار الذين هم أهل الحل والعقد، والحكم فيها إنما يكون بقوانينهم التي تخالف الإسلام، كما أن الشعائر الظاهرة فيها هي شعائر الكفر، وليست شعائر الإسلام، والأخلاق السائدة فيها هي أخلاق الكفار.
ولهذا تكون الزوجة الكتابية في بلاد الحرب، أكثر تمسكا بدينها وأخلاقها وعاداتها، وأقل ميلا إلى دين زوجها وأخلاقه … بل إنه ليخشى على زوجها المسلم أن يتأثر بمحيط الكفر الذي يعيش فيه، ويخشى أكثر على ذريته من التدين بدين أمهم التي تربيهم عليه.

ولهذا اختلف العلماء الذين أجازوا زواج المسلم بالكتابية في دار الإسلام، في زواجه بها في دار الحرب.
فقد ذكر القرطبي رحمه الله: أن ابن عباس رضي الله عنهما سئل عن نكاح أهل الكتاب إذا كانوا حربا؟ فقال: " لا يحل – وتلا قوله تعالى: ?وقاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر? إلى قوله تعالى ? وهم صاغرون ? " [التوبة 29] قال المتحدث: حدثت بذلك إبراهيم النخعي فأعجبه – يعني أن إبراهيم يقول بالتحريم – وكره مالك تزوج الحربيات، لعلة ترك الولد في دار الحرب، ولتصرفها في الخمر والخنزير. اهـ[الجامع لأحكام القرآن 3/ 69]
فمذهب ابن عباس رضي الله عنهما وإبراهيم النخعي، تحريم زواج المسلم بالكتابية في دار الحرب، ويحتمل أن تكون كراهة الإمام مالك رحمه الله لذلك، كراهة تحريم.
وسبب التحريم أن المسلم مأمور بقتال الكفار المحاربين، وفي زواجه بالحربية في دار الحرب ركون إلى تلك الدار، وداع إلى سكناه بها وبقائه فيها، وذلك يعود إلى معنى قتاله مع إخوانه المسلمين بالنقض، بل إن في بقائه في دار الحرب مع ذريته، تكثير لسواد الكفار المحاربين على المسلمين.
كما أن امرأته الحربية قد تنشئ أولاده وتربيهم على النصرانية وبغض المسلمين، وغير ذلك من المفاسد المترتبة على زواجه بالحربية في دار الحرب.

أقوال العلماء في حكم زواج المسلم بالكتابية في دار الحرب.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير