[ما ذكر من الاجماع على نجاسة الخمر]
ـ[عبدالله الحسني]ــــــــ[31 - 03 - 04, 01:59 ص]ـ
جزاك الله خيرا شيخنا ابن وهب على هذه النقل المتميزة.
ـ[ابن وهب]ــــــــ[31 - 03 - 04, 02:32 ص]ـ
قال ابن عبدالبر في التمهيد (1/ 245)
(وقد أجمع علماء المسلمين في كل عصر وبكل مصر فيما بلغنا وصح عندنا أن عصير العنب إذا رمى بالزبد وهدأ وأسكر الكثير منه أو القليل أنه خمر وأنه ما دام على حاله تلك حرام كالميتة والدم ولحم الخنزير رجس نجس كالبول إلا ما روى عن ربيعة في نقط من الخمر شيء لم أر لذكره وجها لأنه خلاف إجماعهم وقد جاء عنه في مثل رؤوس الإبر من نقط البول نحو ذلك والذي عليه عامة العلماء في خمر العنب ما ذكرت لك عنهم من تحريم قليلها وكثيرها وأنها عندهم رجس كسائر النجاسات
انتهى
فان قيل
هذا من اجماعات ابن عبدالبر
فالجواب ولكن هنا قد ذكر خلاف ربيعة فدل ذلك على انه راعى الخلاف
وفي الحقيقة
القول المحكي عن ربيعة يمكن حمله على انه خفف في يسير نجاسة الخمر
وهذا بخلاف من نسب اليه القول بطهارة الخمر
فان قيل ولكن القرطبي ذكر في تفسيره
(فهم الجمهور من تحريم الخمر واستخباث الشرع لها وإطلاق الرجس عليها والأمر باجتنابها الحكم بنجاستها وخالفهم في ذلك ربيعة والليث بن سعد والمزني صاحب الشافعي وبعض المتأخرين من البغداديين والقرويين فرأوا أنها طاهرة وأن المحرم إنما هو شربها))
انتهى
فالجواب
لابد من اثبات نسبة هذه الاقوال الى هولاء الأئمة
ودلالته على مراد من يقول بطهارة الخمر
وابن عبدالبر من اعلم الناس بالخلاف
فلو كان هناك خلاف عن الليث لذكره
وابن عبدالبر عنده كتب ابن جرير والطحاوي ومحمد بن نصر
على انا لانعرف المنقول عن الليث هل يدل دلالة صريحة
ام انه كالمنقول عن ربيعة
والروايات تختلف عن الليث
ومن رواة المسائل عن الليث عبدالله بن صالح وابن وهب
الخ
وابن عبدالبر من اعلم الناس بهذا
واما المزني فلايعرف هل يصح عنه اولا
ولو كان المزني قد خالف في المسألة لكان ذكره النووي في المجموع
وممن حكي عنه القول بطهارة الخمر داود الظاهري رحمه الله
وهذا ايضا يحتاج الى اثبات
على ان هناك خلاف بين العلماء في الاعتداد بخلاف داود والذي رجحه النووي في شرح مسلم ونسبه الى المحققين انه لايحتج بخلافه
وحتى على القول بالاحتجاج بخلاف داود وهو الذي استقر عليه عمل الشافعية كما نص عليه ابن الصلاح
وقد قيل انه الصحيح
فداود رحمه الله متأخر نسبيا
واما مالكية بغداد او القيروان فهولاء متأخرين
ولعلهم الذين ذكروا
الليث والمزني
فيمن قال بطهارة الخمر
ولكنا نجد ابن العربي المالكي لاينقل الخلاف فيه الا عن ربيعة
فلعل هذا النقل هو ما فهمه هولاء المالكية من اقوال الليث والمزني
وولعله ليس بصريح في المسألة
وقد نقلت اجماع ابن عبدالبر رحمه الله
نقل الشيخ الالباني رحمه الله عن شيخ الاسلام ابن تيمية قوله
(
والمنقول عن السلف والعلماء يحتاج إلى معرفة بثبوت لفظه ومعرفة دلالته كما يحتاج الى ذلك المنقول عن الله ورسوله
http://arabic.islamicweb.com/Books/taimiya.asp?book=381&id=247
نسب بعض المعاصرين القول بطهارة الخمر الى النووي
وكلام النووي لايدل على ما فهمه هذا المعاصر
قال النووي
(الشرح) الخمر نجس عندنا، وعند مالك وأبي حنيفة وأحمد وسائر العلماء إلا ما حكاه القاضي أبو الطيب وغيره عن ربيعة شيخ مالك وداود أنهما قالا: هي طاهرة وإن كانت محرمة كالسم الذي هو نبات وكالحشيش المسكر، ونقل الشيخ أبو حامد الإجماع على نجاستها، واحتج أصحابنا بالآية الكريمة، قالوا: ولا يضر قرن الميسر والأنصاب والأزلام بها مع أن هذه الأشياء طاهرة؛ لأن هذه الثلاثة خرجت بالإجماع فبقيت الخمر على مقتضى الكلام، ولا يظهر من الآية دلالة ظاهرة؛ لأن الرجس عند أهل اللغة القذر ولا يلزم من ذلك النجاسة، وكذا الأمر بالاجتناب لا يلزم منه النجاسة وقول المصنف: ولأنه يحرم تناوله من غير ضرر فكان نجسا كالدم لا دلالة فيه لوجهين. (أحدهما) أنه منتقض بالمني والمخاط وغيرهما كما ذكرنا قريبا. (والثاني): أن العلة في منع تناولهما مختلفة فلا يصح القياس؛ لأن المنع من الدم لكونه مستخبثا، والمنع من الخمر لكونها سببا للعداوة والبغضاء وتصد عن ذكر الله وعن الصلاة كما صرحت به الآية الكريمة، وأقرب ما يقال ما ذكره الغزالي أنه يحكم بنجاستها تغليظا وزجرا عنها قياسا على الكلب وما ولغ فيه والله أعلم)
انتهى
وهذا يدل علىأن النووي ممن يقول بنجاسة الخمر
ولو كان كما فهم هذا المعاصر لكان نسب القول بطهارة الخمر الى الغزالي!
اللهم الا ان يكون قد وقف على موضع آخر يصرح فيه النووي بطهارة الخمر
فهذا امر آخر
قال النووي
(واعلم أنه لا فرق في نجاسة الخمر بين الخمر المحترمة وغيرها، وكذا لو استحال باطن حبات العنب خمرا فإنه نجس، وحكى إمام الحرمين والغزالي وغيرهما وجها ضعيفا أن الخمر المحترمة طاهرة ووجها أن باطن حبات العنب المستحيل طاهرة، وهما شاذان والصواب النجاسة. وأما النبيذ فقسمان مسكر وغيره، فالمسكر نجس عندنا وعند جمهور العلماء وشربه حرام وله حكم الخمر في التنجيس والتحريم ووجوب الحد، وقال أبو حنيفة وطائفة قليلة: هو طاهر ويحل شربه، وفي رواية عنه يجوز الوضوء به في السفر)
انتهى
قال ابن العربي المالكي رحمه الله
(المسألة الثالثة: في قوله تعالى: {رجس}: وهو النجس، وقد روي في صحيح حديث الاستنجاء {أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بحجرين وروثة، فأخذ الحجرين وألقى الروثة، وقال: إنها ركس} أي نجس. ولا خلاف في ذلك بين الناس إلا ما يؤثر عن ربيعة أنه قال: إنها محرمة، وهي طاهرة، كالحرير عند مالك محرم، مع أنه طاهر. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، الرجس النجس، الخبيث المخبث}. ويعضد ذلك من طريق المعنى أن تمام تحريمها وكمال الردع عنها الحكم بنجاستها حتى يتقذرها العبد، فيكف عنها، قربانا بالنجاسة وشربا بالتحريم، فالحكم بنجاستها يوجب التحريم)
انتهى
والله أعلم بالصواب
¥