تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الإنسان مكون من عناصره الثلاثة الرئيسة: الجسم، والقلب، والعقل، وهذا التقسيم قصد منه تقريب المعنى لحاجات هذا الإنسان التي لا يستغني عنها لبقاء حياته المعتدلة المستقرة، بحيث لا يطغى اهتمامه ببعض تلك الحاجات دون بعض. هذا هو السبب في هذا التقسيم، وإلا فالثلاثة مرتبة ارتباط بعض أعضاء العنصر الواحد ببعض، كارتباط بعض أعضاء الجسد ببعض.

وبناء على هذا التقسيم يمكننا معرفة حاجات الإنسان:

فجسمه يحتاج إلى ما يجلب له النافع، ويدفع عنه الضار، من غذاء، ونظافة، وحركة، ولباس ... وغيرها. فإذا أهمل هذا الجسم ولم يعتن به أتاه من الأمراض والأسقام ما يضعفه أو يهلكه.

وعقله يحتاج إلى المعارف والعلوم والأفكار التي تتمم له تصوراته السليمة، وتقويها عنده، و تنير له الطريق وتبصره بما لا قدرة له على تصوره الصحيح مستقلا عما سواه، وتعصمه من الزلل وتضع له معالم ميدانه الذي إذا خرج عنه ضل سواء السبيل. وإذا أهمل هذا العقل، ولم يهتم بما يحتاج إليه من المعارف والعلوم جمد عن التفكير والإبداع، أو ضل عن السبيل السوي.

وقلبه –أو روحه- يحتاج إلى النور الإيماني والطاقة العبادية، و المدد الأخلاقي، تلك الأسس التي تضبط صلته بربه، وبنفسه، وبأبناء جنسه، وبالكون من حوله. وإذا لم تعط هذه الروح ما تحتاج إليه من الغذاء الرباني، جفت وقست، وساءت صلة صاحبها بربه وبنفسه، وبأبناء جنسه، وبالكون من حوله.

فينبغي أن يكون لكل من هذه الحاجات الثلاث: حاجة الجسم، وحاجة العقل، وحاجة الروح أو القلب، نصيب من قراءة الإنسان، ليعطي كل عنصر حقه من القراءة.

وغالب الناس –إذا ابتعدوا عن التشريع الإلهي-لا يعدلون في القسمة بين هذه العناصر، بل يبالغون في الاهتمام ببعضها، ويظلمون بعضها الآخر:

فتجد فريقا من الناس يهتمون بالجسم: غذاء ونظافة، ولباسا ومسكنا، وحركة ... وإشباعا لغرائز، ويهمل وروحه وعقله، فلا يعطيهما حقهما، ولهذا تجد هذا الفريق يكثر من ذكر الطعام والشراب، والرياضة، والمال والتجارة، والأدوات المادية من مساكن ومراكب، وعقارات، ونساء .... ، فإذا جمعه مجلس كثر فيه ذكر ما لم يألفه من غذاء العقل والروح، ضاق به ذرعا، وفر منه هاربا كفرار الجبان من عدوه في ساح القتال.

هذا الفريق قد لا تجد فرقا بينه وبين الحيوان، إلا أنه إذا نطق فهم ابن جنسه معنى ما نطق به، أما ما عدا ذلك فقد يكون الحيوان –في الجملة- أفضل منه.

وتجد فريقا آخر يهتم بالعقل، فتراه مكبا على شتى العلوم والمعارف والفلسفات، إذا قال تسمع لقوله، وهو مهمل لروحه لم يعطها حقها من الغذاء الإيماني، ولهذا تجده قاسي القلب، خاوي الروح، بعيد الصلة بالله، وقد يكون سيئ الصلة بالناس، لا تقوى ولا ورع، ولا عبادة. وهذا قد ينفع الناس ببعض علمه وأعماله واختراعاته، ولكنه لا ينتفع هو من ذلك إلا الجزاء المادي والثناء عليه فيها بما عمل. أما في الآخرة فليس له عند الله من خلاق.

فماذا تقرأ؟

تصور أن جلسة ضمتك مع أربعة أصناف من البشر:

أحد ها مهتم بالجسم اهتماما مبالغا فيه.

والثاني مهتم بالعقل اهتماما غاليا.

والثالث مهتم بالقلب أو الروح اهتماما مُفرِطا.

والرابع مهتم بالثلاثة اهتماما معتدلا.

وطلبت منهم إرشادك إلى ما يفيدك من القراءة. فما ذا سيقول لك الأربعة؟

ستجد في الصنف الأول من يسهب لك في الكلام على تغذية الجسم بأنواع الأطعمة والأشربة المفيدة.

وتجد منهم من يسهب لك في الكلام على أنواع الرياضة المقوية لكل عضو من أعضاء الجسم، ثم كل واحد ستجده يعرض محاسن رياضته المفضلة: كرة قدم، كرة سلة، الكرة الطائرة، الجري، القفز، السباحة، ركوب الخيل، سباق السيارات ....

وستجد فيهم من يسهب لك في الكلام عن النظافة وأدواتها.

وستجد فيهم من يعدد لك الملابس الصيفية والشتائية، ويعرض لك ما صنعته بيوت الأزياء للرجال والنساء، الأطفال والكبار.

وستجد فيهم من ينصحك بالبعد عن مضرات الجسم، كشرب الدخان وتناول المسكرات والمخدرات والبعد عن البيئة الملوثة جوا وبرا وبحرا، ويحذرك من شرب المياه غير الصحية ....

وستجد من ينصحك بالمحافظة على مراجعة طبيبك والمداومة على الفحوصات الطبية الكاملة المحددة المواقيت ...

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير