تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

البركة.

أسلوب الكتاب وبلاغته المناسبة لعصر مؤلفه:

من الأسباب التي تنفر بعض الناس من الكتب القديمة -أقصد التي ألفت قديماً- التي كتبها علماء المسلمين الأجلاء: أسلوب الكتاب، أسلوب الكتاب الذي قد يكون مكتوباً بلغة ذلك العصر، ويناسب مستوى القارئ في ذلك العصر، وذلك العصر كان مستوى القراء يختلف في العربية عما عليه قراؤنا الآن وهذا بلا شك، والقراءة في كتب القدامى إذا انتقيت ومشيت بالأسلوب المبسط ستصل إلى مستوى تستطيع به أن تقرأ كتب القدامى، ولو استصعبت عليك بعض الألفاظ، لكن ستخرج بفوائد عظيمة.

أن كتب القدامى ألفت في عصر العزة والانتصار للإسلام:

كذلك أن كتب القدامى قد كتبت في عصر كان الإسلام فيه في عزة، وعندما يكتب الكاتب بروح العزة الإسلامية وروح الانتصار يكون أسلوبه وروح كتابته تختلف عما يكتب به أحد الكتاب الآن في الوقت الذي أصبح المسلمون فيه في ذلة وهزيمة، وهذه نقطة مهمة جداً، قراءة كتب الماضين تأسس في نفوسنا الثقة بهذا الدين لأنهم يكتبون من منطلق القوة، ومن منطلق الاستعلاء، ولذلك نرشد الناس أن يقرءوا الكتب الحديثة التي يكتب فيها الكاتب المسلم من روح الاستعلاء كما هي كتابات سيد قطب رحمه الله مثلاً، هناك كتاب يتأثرون بالانهزامية الموجودة الآن، فتحس وأنت تقرأ بالانهزام، وتحس بأن الكاتب يتراجع عن كثير من الأمور الإسلامية الشرعية، تحت ضغط الحضارة الغربية مثلاً. ولذلك الحذر الحذر -أيها الإخوة- عندما تقرأ للكتاب المحدثين، وهذا يقودنا إلى مسألة وهي الاهتمام باللغة العربية، وتعميق فهمنا لهذه اللغة، والوقوف أمام من يدعو إلى إشاعة اللهجات العامية كما يريد المستشرقون وأعداء الدين، فخرجوا علينا بلغة شرشر ونحو ذلك من الأمور التافهة، وهنا قاعدة: كلما كان الكتاب ألصق بالقرآن والسنة، أي: فيه استشهادات من القرآن والسنة كثيرة، كلما كان أيسر، وكلما كان المؤلف الذي يكتب قريباً من القرآن والسنة، كان كتابه أيسر وأبسط وأقرب للفهم، لأن الله قال: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ [القمر:17]. وينبغي -أيضاً- بالنسبة للمؤلفات القديمة، أن ننتقي أصحاب الأسلوب الرشيق، والقلم السيال، والعبارة الجميلة، مثل ابن القيم رحمه الله، لأنك إذا قرأت في كتبه، أو بعض كتبه على الأقل، تحس بانجذاب لكتب القدامى، هذا قبل أن تنتقل إلى قراءة كتب من في أسلوبهم شيء من التعقيد أو تداخل العبارات، أو كثرة الاستطرادات، بعض الناس يقولون: نقرأ لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لكن لا نفهم، نقول: نعم. يحصل كثيراً، ابن تيمية رحمه الله كان ذهنه سيالاً، كان يكتب وعندما يكتب تتدفق الأفكار، كالسيل العارم الجارف، فيخرج كل ما عنده ويفرغ في الكتاب. ولذلك تجد في المسألة الواحدة أقاويل كثيرة جداً وتعليقات ونقد وعرض بشكل مذهل، لكن قد لا يستطيع القارئ البسيط أن يفهم مثل هذا، لكن في نفس الوقت له رحمه الله كتب بسيطة مثل كتاب: العبودية مثلاً.

كون الكتاب مكتوباً بلغة عربية قوية:

ومن أسباب النفرة بين القارئ والكتاب: صعوبة اللغة، أن يكون مكتوباً بلغة عربية قوية، أو تكون الكلمات غير معتادة الاستعمال في وسط الشخص القارئ، ولذلك من الممكن التغلب على مثل هذا بأن يكون لدى القارئ المسلم -مثلاً- قاموساً مختصراً جداً مثل: مختار الصحاح، وهو كتاب يمكن أن يوضع في الجيب، فتجده كل كلمة ومعناها، أو القاموس المحيط، وإذا مرت عليه كلمات في الأحاديث غريبة فعنده كتاب: النهاية في غريب الأثر والحديث يستطيع به أن يفك رمز هذه الكلمة التي لا يعرف معناها. فإذاً هناك كتب بسيطة يمكن أن يحتفظ بها القارئ، بجانبه تساعده أثناء القراءة، وهو سيلاقي صعوبة في البداية، لكن بعد فترة سيتعود، والكلمة الصعبة الآن إذا عرفت معناها في المستقبل لن تحتاج أن تنظر في معناها مرة أخرى أليس كذلك؟ وستتقوى الملكة اللغوية تدريجياً مع كثرة القراءة، ونعود فنقول: إن تعلم قواعد اللغة العربية، شيء ضروري، فمعرفة الفاعل من المفعول، يؤثر كثيراً عند القراءة، ومعرفة المضاف من المضاف إليه يؤثر كذلك، المبتدأ والخبر، الشرط، فعل الشرط وجواب الشرط، تقديم ما من شأنه التأخير، ماذا يعني في لغة العرب، وهكذا. وإذا لم يفهم القارئ شيئاً في البداية، فليس

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير