تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

من الضروري أنه يقف حتى يفهم، بل يتجاوز الآن ويكمل حتى يسهل عليه الأمر في المستقبل.

كثرة الملل لدى القارئ:

ومن الأمور التي تنفر الناس عن القراءة: الملل، أنه يقرأ نصف ساعة أو ساعة أو ساعتين وبعد ذلك يمل، فماذا يفعل؟ يستريح بين فترة وأخرى، يريح عينيه، يقوم يتحرك، حركة بسيطة، ثم يرجع إلى القراءة، ومن الأساليب أيضاً أن يغير الكتاب الذي يقرأ فيه، أو يغير نوعية العلم الذي يقرأ فيه، كما ذكر عن ابن عباس رضي عنه أنه كان إذا مل قال: هاتوا ديوان الشعراء، وأيضاً الشعر مفيد، يفهم لغة العرب، تقوى سليقته، وكان محمد بن الحسن رحمه الله قليل النوم في الليل، وكان يضع عنده الدفاتر، فإذا مل من نوع ينظر في نوع آخر، وكان يضع عنده الماء ويزيل نومه بالماء كلما نعس. من الأمور التي تشد أو تحبب القراءة للشخص أن يحس بالمردود، وإذا كان المردود سريعاً، كان تحبيب القراءة أو حبه للقراءة أكثر، فمثلاً: لو أن الإنسان قرأ مسألة فقهية، ثم تعرض لها، فإنه يستأنس جداً لأنه يعرف الجواب، مثلاً: لو قرأت عن الحج ثم ذهبت إلى الحج سيكون إحساسك بفائدة القراءة كبيراً، لو قرأت كتاباً في صفة الوضوء، أو صفة الصلاة، وأنت تطبق ذلك يومياً، ستشعر بحب للقراءة، لأن الثمرة مرئية ومشاهدة وسريعة. ومن الأمور أيضاً أن يقيد الإنسان الفوائد الجميلة، اللآلئ التي يقرؤها، وليس كل ما يقرأ يشد انتباهه، وليس كل ما يقرأ يقع في نفسه موقعاً جميلاً، فلو أن القارئ يدون الأشياء الجميلة التي يقرؤها، الأحداث المؤثرة، فإنه بعد فترة ستتجمع عنده أشياء، لو فهرسها، ستخرج في كتيب جميل، إذا قرأه استأنس لأن عنده فواكه عذبة مما قرأه، وكثير من العلماء لهم مصنفات، هي عبارة عن فوائد، حصلت لهم أثناء البحث والقراءة، انظر إلى كتاب: بدائع الفوائد لابن القيم رحمه الله مثلاًُ، يتحدث الناس بأحسن ما يحفظون، ويحفظون أحسن ما يكتبون، وأحياناً يحب الإنسان القراءة أكثر لأنه يعيد القراءة فيستفيد من إعادة القراءة معاني جديدة، لم يكن قد عرفها من قبل، وبالذات الذين يتدبرون القرآن الكريم، فإن هذا القرآن لا يشبع منه العلماء، كلما قرأت بتدبر وجدت معاني جديدة، وكذلك عندما تقرأ في كتب العلم وتعيد الكتاب مرة أخرى، تثبت ما كنت حفظته، وتحفظ شيئاً جديداً وتفهم شيئاً جديداً، وهذا يحببك في القراءة بزيادة. عندما نقول: أن من الأشياء التي تنفر القارئ من الكتاب أنه يمر بأشياء لا يفهمها، يجب أن يكون للقارئ موقف مهم جداً في هذا المكان وهو: ما جاءنا من سنة علمائنا أنهم كانوا إذا استغلقت عليهم المسألة، أو مر بهم الأمر الصعب أثناء القراءة، كانوا يلجئون إلى الله، ويتضرعون إليه ويسألونه أن يفتح عليهم سر هذه المسألة، مثلما كان يقول شيخ الإسلام رحمه الله مناشداً ربه: يا معلم إبراهيم علمني، ويا مفهم سليمان فهمني، لأن الله قال: فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ [الأنبياء:79]. وهذه المناشدة لله هي التي تفتح عليك هذا الذي استغلق من المسألة أو الكلمة أو العبارة الصعبة في الكتاب، لكن بعض الناس مع الأسف ليست عندهم هذه الروح، أو هذه النفسية، التوجه إلى الله إذا استصعب عليه شيء في القراءة، ومن الأشياء التي تحبب الإنسان إلى الكتاب: الاعتناء بالكتاب، وكان علماؤنا رحمهم الله يعتنون بكتبهم اعتناء شديداً، فكانوا يقولون مثلاً: لا تجعل كتابك بوقاً ولا صندوقاً، بعض الناس يأتي بكتاب ويلفه على شكل دائرة، ويمسكه بيده فيكون كالبوق، وهذا ملاحظ في طريقة الحمل، يلف الكتاب ويحمله بيده، أو يجعله صندوقاً، يضع فيه الأوراق والأقلام والدفاتر، وينتفخ الكتاب ويتشقق بفعل هذه الأشياء التي تكون داخله، فتجد كل شيء في الكتاب، وذكروا في صفة القراءة قالوا: لا يفرشه، بعض الناس لما يأتي بكتاب يفتح الكتاب ثم يدعكه بيده بشدة حتى يفتحه، فالكتاب يتفلت، وتتفلت الأوراق، هذا الخيط الذي يمسك الأوراق والملازم يتفلت، والصمغ يتفكك، لا يفرشه لكي لا يتقطع حبله بسرعة، ولا يوضع على الأرض مباشرة. إذا جاء يرص الكتب في الخزانة أو في الدولاب أو في الرفوف، لا يضعه على الأرض مباشرة وإنما فوق خشبة، لئلا يبتل، وإذا وضع على خشب وضع فوقها جلداً، وتحتها جلداً إذا لم يكن هناك عازل، أو بينه وبين الحائط يضع جلداً، ويراعي في وضعها أن يكون

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير