تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكذلك من الأمور التافهة التي شغل بها الناس: متابعة المسلسلات والبرامج في الشاشة الصغيرة -مثلاً- أو هذه الأفلام في الفيديو ونحو ذلك، هذه قتلت القراءة عند الناس قتلاً، وذبحت القراءة ذبحاً، لأن الناس انشغلوا تماماً بهذه الأشياء، كم ساعة يجلسون أمام الشاشة؟! وبعد ذلك يقول: ما عندي وقت أقرأ! طبعاً صور ملونة وأحداث وأشياء تتحرك، من أين له أن ينجذب إلى الكتاب، مع أنه ماذا يستفيد من النظر والمتابعة؟ تقريباً لا شيء. ونستطيع أن نشجع الناس على القراءة بأمور كثيرة، مثلاً: معارض الكتاب لها دور، الغرب عندهم أسبوع الكتاب، ونادي الكتاب، واتحاد القراء وأشياء كثيرة، لكن نحن نستطيع إقامة معارض الكتاب والإعلان عن الكتب في الوسائل المختلفة، إقامة محاضرات عن القراءة، وفقرات منهجية في المدارس والجامعات، وحصص خاصة بالقراءة الحرة إذا أمكن، وإنشاء مكتبة في البيت، و تكون هناك مسابقات للقراءة، الشاهد: هناك وسائل يمكن أن نشجع عامة الناس على القراءة من خلالها.

شرود الذهن أثناء القراءة وعدم التركيز:

نأتي الآن -أيها الإخوة- إلى مسألة شرود الذهن أثناء القراءة ومشكلة عدم التركيز، وهذه المشكلة فعلاً تسبب نفور الناس من القراءة وشعورهم بأنهم لا يستفيدون شيئاً، وكثيراً ما تلاحظ على نفسك أنك وأنت تقرأ قد ختمت الصفحة دون أن تفهم شيئاً، لأن العين هي التي تشتغل ولكن القلب لاهٍ. هناك نوعان من الشرود: شرود النظر والفكر معاً، وشرود الفكر فقط، أنت أحياناً قد تقرأ كما ذكرنا والعين تعمل والقلب لا يعمل، فهذا شرود الفكر وشرود القلب: النظر موجود لكن القلب لا يوجد، لاتوجد متابعة، وأحياناً تجد نفسك وأنت تقرأ قد نظرت في شيء وجلست تبحلق فيه فترة من الزمن، أو وضعت يدك على خدك وجلست تسرح في موضوع، أو ترى نظرك في جهة والكتاب في جهة، وقد ذهبت في وادٍ آخر أثناء القراءة، هذا الشيء طبيعي بالنسبة للشخص الذي يريد أن يتعود على القراءة في البداية، والناس كل واحد فيهم تقريباً لا بد أن يشرد، لكن المشكلة والقضية أنهم يختلفون في الشرود، فمنهم من يطول شروده ومنهم من يقصر، ومنهم من تخطر له خاطرة أو خاطرتان ومنهم من تخطر له عدة خواطر.

أمور تساعد على التركيز:

المجاهدة والصبر وعدم الانشغال بالمؤثرات الخارجية:

هذه المسألة أكبر حلٍ لها هو المجاهدة، مجاهدة النفس عند قدوم الخواطر الطارئة، وعندما يقفز النظر بين السطور وينهي الصفحة والصفحتين، وإذا توقفت فجأة وجدت نفسك لم تستوعب شيئاً، لا بد أن تراجع طريقتك في القراءة، التجاوب مع القراءة من أكبر الأسباب التي تؤدي للتركيز، ولذلك -مثلاً- إذا نظرت إلى قراءته صلى الله عليه وسلم للقرآن وجدت فيها أمراً عجيباً، فمثلاً: كان إذا مر بآية تسبيح سبح، وإذا مر بآية عذاب استعاذ، وإذا مر بآية نعيم سأل الله، أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى [القيامة:40]. قال: بلى، إذا مر بآية فيها سجدة سجد، ما معنى هذا؟ التفاعل مع القراءة، التفكر في الأشياء التي تقرأ، بعض الناس إذا نظرت إليه وهو يقرأ تجد في قسمات وجهه أنه أحياناً يعبس، وأحياناً تجده ينبسط، وأحياناً تجده يبتسم، وأحياناً تجده مستغرباً، وأحياناً تجده مندهشاً، وأحياناً تكون أنت جالساً في حجرة شخص يقرأ في سكون وفجأة تسمعه يقهقه، ماذا حصل؟ قرأ شيئاً مضحكاً، فهذه العلامات على الوجه أثناء القراءة تدل على أن الشخص متابع لما يقرأ، التركيز لا يأتي من أول وهلة، ولا يأتي بسهولة جداً لا بد له من تمرن مستمر، وصبر وعدم استجابة للمؤثرات الخارجية، وإذا استطاع القارئ بالمجاهدة أن يرد عقله مرة بعد أخرى إلى الموضوع فإن الخواطر الطارئة لا تلبث أن تعود من حيث أتت وبتكرار ذلك يصبح تركيز الذهن من الأمور المألوفة، فالقضية قضية صبر ومجاهدة. العين -أيها الإخوة- ترى رسم الحروف لكن لا تفهمك معنى الكلام، وإنما القلب هو الذي يفهمك المعنى، وعن طريق التدبر تلتذ القراءة، هناك أمر وهو: إذا لاحظنا القراء الآن نجد أنهم يختلفون، فمنهم قارئ سماعي، لا يقرأ إلا برفع الصوت، يوجد أناس لا يعرف يقرأ أبداً ولا يفهم ولا يستوعب إلا إذا رفع صوته، ولذلك يصير مزعجاً بالنسبة لشخص آخر. هناك قارئ آلي، يحرك شفتيه لكن بدون صوت، تجده يقرأ بالشفتين، وهناك قارئ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير