تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بصري لا يقول شيئاً ولا يسمع شيئاً، لكن فقط ينظر ويفكر، لا تسمع صوتاً ولا ترى حركة، وإنما يتابع ببصره وقلبه، بعض الناس المفكرين يقولون: إن الأخير هو أجود الأنواع لأنه يركز تركيزاً شديداً جداً، بحيث أنه لا يحتاج إلى أشياء أخرى تنبهه وتجعله يعيش داخل الموضوع، ولكن الناس يتفاوتون، وممكن شخص لا يستوعب إلا برفع الصوت، وممكن شخص لا يستوعب إلا بتحريك الشفتين، وممكن شخص لا يركز إلا بالنظر مع استعمال الفكر والقلب، فالناس يتفاوتون، كل واحد يرتاح بطريقة معينة. وكذلك الأشياء نفسها المقروءة تختلف فمثلاً: ذكر بعض أهل العلم قال: ينبغي للدارس أن يرفع صوته في درسه حتى يسمع نفسه فإن ما سمعته الأذن رسخ في القلب، ولهذا كان الإنسان أوعى لما يسمعه منه لما يقرؤه، وإذا كان المدروس مما يفسح طريق الفصاحة يكون رفع الصوت به مهماً، مثل قراءة الشعر، قراءة الأشياء التي تحسن الأسلوب، التي تحسن النطق، التي تجلب الفصاحة، هذه رفع الصوت بها مهم، ويقول أحد أهل العلم وحكي لي عن بعض المشايخ أنه قال: رأيت في بعض قرى النبط فتى فصيح اللهجة حسن البيان، فسألته عن سبب فصاحته مع لكنة أهل جلدته فقال: كنت أعمد في كل يوم إلى خمسين ورقة من كتاب الجاحظ -و الجاحظ من المعتزلة ضال في العقيدة، لكن له كتب جيدة في أسلوب الفصاحة، مثل كتاب البيان والتبيين- فأرفع بها صوتي فما مر بي إلا زمان قصير حتى صرت إلى ما ترى، لذلك رفع الصوت كأن يسمع القارئ نفسه القرآن من الأمور التي تجعله فصيحاً جداً. أيها الإخوة: من الأمور السيئة أنه وجد مطرب مغني ينصح الشباب الذين يريدون الإقبال على الغناء، فيقول لهم: وصية: أنصحكم بدراسة التجويد، لأنه يساعدكم على أداء الأغنية بكفاءة عالية، فالتجويد فيه علم مخارج الحروف، والتفخيم والترقيق، أي أشياء كثيرة، لكن انظر السفيه يريد أن يستغل التجويد في الغناء.

استخدام القلم أثناء القراءة:

من الأمور المهمة التي تساعد على التركيز استخدام القلم أثناء القراءة، وهذه وصية مهمة نافعة إن شاء الله لك أيها الأخ المسلم، استخدم القلم أثناء القراءة، إن كثرة التعليقات التي تكون موجودة على كتابك دالة على تركيزك وتفاعلك مع القراءة، واستعمال القلم عند القراءة لشد الانتباه والتعبير عن الموقف المقروء أو الاستيعاب يدل على الاستيعاب أصلاً، إذا قرأت ورأيت أنك ملأت الصفحة بالكتابة فاعلم بأنك ناجح في الاستيعاب، وربط الجمل والأفكار، الكتابة على الهوامش، هامش الكتاب سواء كان الأعلى أو الجانبي أو الأسفل، ينبغي أن تكون التعليقات كأنها حوار بينك وبين الكاتب، وليس المقصود ما يفعله بعض القراء، وبعض الناس الذين يقرءون من خرابيش، تفتح الكتاب تجد سيارة، طيارة، مثلثاً، دوائر، مكعبات، وأشكالاً، ورسوماً سريانيه، ونحو ذلك، لا، المقصود باستخدام القلم مثلاً: وضع خط تحت النقط الأساسية والأفكار الهامة، وضع خطوط رأسية في الهامش للإشارة إلى أهمية الفكرة. أحد الشباب كان في المذاكرة أيام الجامعة، يذاكر وكان الكتاب ضخماً فيه ما هب ودب، فكان يستخدم الألوان، اللون الأصفر للأشياء المهمة جداً، قانون يجب حفظه، الشيء الأزرق أقل أهمية، الشيء الأحمر أقل شيء، ويترك الباقي بياضاً أو يرقمه، فيجعل للشيء المهم جداً رقم واحد، وللمتوسط رقم اثنين، وما يمكن تأجيله في المذاكرة رقم ثلاثة، فإذا وجد وقتاً قرأه وإلا تركه. فهذه أشياء مهمة نافعة جداً في التحصيل، وكذلك وضع الأرقام بالإشارة إلى أهم النقاط، ترقيم الأشياء، وقد تجد بعض الكتب ليس فيها شيء مرقم، فإذا رقمته فإنك تحس بنوع من التركيز أكثر، والإشارة إلى أرقام الصفحات التي ذكرت فيها النقاط لها علاقة بهذه النقطة، وهذا يدل على أنك مستوعب، ولذلك يقول -مثلاً-: انظر صفحة كذا .. تقدم الكلام عن هذا الموضوع في صفحة كذا، فمعنى ذلك أنك متابع وأنك تربط بين هذه الفكرة والفكرة التي سبقت، وأيضاً: القيام بكتابة أسئلة، فأحياناً الشخص يكتب سؤالاً على أساس أنه يقول: سأسأل عنه العالم كذا، أو يذكر نقطة فيكتب سؤالاً: هل يدخل فيها كذا، أو تبسيط الفكرة في الهامش، أنت إذا نظرت إلى كتاب: اقتضاء الصراط المستقيم طبعة الشيخ: محمد حامد الفقي رحمه الله، ماذا تلاحظ في هذا الكتاب؟ فيه عناوين جانبية كثيرة جداً، في كل مقطع

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير