هناك أمر قد يعترض به ألا وهو من المعلوم أن البيهقي على مذهب الشافعي رحمه الله في المرسل، فكيف تفهم كلامه أنه يحتج به وهو مرسل لكنه رده للمخالفة.
أقول في الجواب عن هذا الاعتراض:
إن هذا لنا لا علينا، إذ قوله (مرسل جيد) على معنى أنه يحتج به، يدل على أنه ليس ذاك المرسل المعهود الذي لايحتج به البيهقي، إذ كيف يعتبره البيهقي في مقام الاحتجاج أصالة ً ومن قواعده عدم الاحتجاج بالمرسل.
فعلى هذا أرى أن البيهقي يقصد نوعا خاصا من الإرسال لا تُرَدُّ به الرواية عنده ألا وهو (عدم تسمية الصحابي في الحديث).
أما قولكم:
(وهذا واضحٌ غاية الوضوح في جعله قسيمًا للحديث الموصول).
أقول:
إن من قواعد الترجيح
تقديم الأقوى على الأضعف
ومن رجاله أشهر على من رجاله أقل شهرة
وما لم يتكلم فيه على ما تكلم فيه
وما ظُنَّ فيه الخطأ على ما لم يظن فيه
وما اتفق على رواته على ما لم يتفق عليهم
........
........
والذي فعله البيهقي رحمه الله تعالى أنه قدم الرواية التي ظن في راويها الحفظ والاتقان على الرواية التي فيها شبهة في حفظ راويها، ومما يدل على أنه ليس في الحفظ كذاك أنه لم يأت باسم الصحابي راوي الحديث على وجه التحديد أما ذاك فأتى به على وجهه، أخي الحبيب إذا انضاف هذا (أي شبهة عدم الحفظ والضبط والتي استدل لها البيهقي على وجه الإيناس بأن داود الأودي لم يحتج به الشيخان) إلى أنه مخالف لما قبله وقد تقدم، إذا انضاف هذا إلى ذاك علمت قوة قول البيهقي رحمه الله، وصوابه، وأنه ليس في مقام بيان الاتصال والإرسال المشهور، إنما هو في معرض الترجيح بين الروايات، وإن أشكل قوله (الثابتة الموصولة) فإني أفهم كلامه على أنه يقصد الواضحة البينة الاتصال، والله تعالى أعلم.
اللهم احفظني وإخواني من الخطأ والزلل
أبو بكر ماهر بن عبد الوهاب علوش.
ـ[تميم1]ــــــــ[13 - 04 - 04, 11:16 م]ـ
قال الشيخ الإمام العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله في تعليقه على فتح المغيث:
الصواب أن ماسلكه البيهقي ليس بجيد والصواب أن ما رواه التابعي عن الصحابي لايسمى مرسلاً إذا ثبت أن التابعي لقي الصحابي أو سمع ممن روى عنه وإن لم يسمى الصحابي وهو مختار أهل العلم السابق. اهـ
هذا التعليق حرر عام 1397هـ والله أعلم ....