[حكم الاحتفال بـ " شم النسيم "]
ـ[أبو المنهال الأبيضي]ــــــــ[13 - 04 - 04, 01:19 ص]ـ
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام عل رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن اقتدى بهداه.
أما بعدُ:
فقد ابتلي المسلمين بالتشبه بالكفار، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، فعن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه –، مرفوعاً: " لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر، وذراع بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لاتبعتموهم "، قلن: يا رسول الله! اليهود والنصارى؟، قال: " فمن ".
ووقعوا في الوعيد، فقد قال – صلى الله عليه وسلم –: " من تشبه بقوم فهو منهم ".
ومن صور هذا التشبه احتفالهم بما يسمى " شم النسيم "، فرأيت أن أكتب هذه الورقات نصحاً لإخواني.
والله أسأل أن يجعلها في ميزان حسناتي، وأن يغفر لي، ولوالدي، ولمشايخي، وإخواني، ولجميع المسلمين، إنه سميع عليم.
أولاً - ما هو العيد؟
العيد: هو كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " اقتضاء الصراط المستقيم " (1/ 496): " اسم لما يعود من الاجتماع العام على وجه معتاد عائد، إما بعود السنة، أو بعود الأسبوع، أو الشهر، أو نحو ذلك، فالعيد يجمع أموراً، منها: يوم عائد كيوم الفطر ويوم الجمعة، ومنها: اجتماع فيه، ومنها: أعمال تتبع ذلك: من العبادات والعادات، وقد يختص العيد بمكان بعينه، وقد يكون مطلقاً، وكل هذه الأمور قد تسمى عيداً ". أ هـ.
ثانياً- الأصل في الأعياد التوقيف.
ليس للمسلمين أعياد سوى عيد الفطر وعيد الأضحى، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، فعن أنس، قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: " ما هذان اليومان؟ "، قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما يوم الأضحى ويوم الفطر ".
فهذا الحديث يدل على أن الأعياد توقيفية كالعبادات.
وقال صلى لله عليه وسلم: " إن لكل قوم عيداً "، وهذا الحديث يدل على اختصاص كل قوم بعيدهم.
ثالثاً - منشأ هذا عيد شم النسيم.
قال الأخ إبراهيم الحقيل – حفظه الله –: " عيد شم النسيم من أعياد الفراعنة، ثم نقله عنهم بنو إسرائيل، ثم انتقل إلى [النصارى] بعد ذلك، وصار في العصر الحاضر عيداً شعبياً يحتفل به كثير من أهل مصر من [نصارى] ومسلمين.
كانت أعياد الفراعنة ترتبط بالظواهر الفلكية، وعلاقتها بالطبيعة، ومظاهر الحياة، ولذلك احتفلوا بعيد الربيع الذي حددوا ميعاده بالانقلاب الربيعي، وهو اليوم الذي يتساوى فيه الليل والنهار وقت حلول الشمس في برج الحمل.
ويقع في الخامس والعشرين من شهر برمهات – وكانوا يعتقدون- كما ورد في كتابهم المقدس عندهم – أن ذلك اليوم هو أول الزمان، أو بدء خلق العالم.
وأطلق الفراعنة على ذلك العيد اسم (عيد شموش)، أي: بعث الحياة، وحُرِّف الاسم على مر الزمن، وخاصة في العصر القبطي إلى اسم (شم) وأضيفت إليه كلمة النسيم نسبة إلى نسمة الربيع التي تعلن وصوله.
يرجع بدء احتفال الفراعنة بذلك العيد رسمياً إلى عام 2700 (ق. م)، أي: في أواخر الأسرة الفرعونية الثالثة، ولو أن بعض المؤرخين يؤكد أنه كان معروفاً ضمن أعياد هيليوبوليس ومدينة (أون)، وكانوا يحتفلون به في عصر ما قبل الأسرات " أ.هـ. بتصرف يسير.
قلت: ونحن مأمورون بمخافة المشركين، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " خالفوا المشركين "، فسواء كان عيداً للفراعنة أو النصارى أو غيرهم، فكلهم مشركين، ونحن مأمورون مخالفتهم.
رابعاً: حكم مشاركة الكفار في أعيادهم.
ما سبق بيانه هو بيان أن احتفال المسلم بغير عيدي الفطر والأضحى لا يجوز، وما نريد بيانه في هذا المبحث أنه لا يجوز مشاركة الكفر في أعيادهم، ولا تهنئتهم بها.
فقد قال الله – تعالى –: {والذين لا يشهدون الزور}.
قال: ابن عباس، وأبوالعالية، وطاوس، ومحمد بن سيرين، والضحاك، وابن زيد، والربيع بن أنس، وغيرهم: " هي أعياد المشركين ".
وقيل: " الشرك، وعبادة الأصنام "، وقيل: " اللغو والغناء "، وقيل: " الكذب والفسق والكفر واللغو والباطل "، وقيل " مجالس السوء والخنا "، وقيل: مالك عن " شرب الخمر ".
وراجع " تفسير ابن كثير " (6/ 142)، و" تفسير القرطبي " (5/ 4931).
ولا تعارض بين الأقوال، فالسلف – رحمهم الله – كانوا يفسرون بضرب المثل، فقولهم: " هي أعياد المشركين " مثلاً يقصدون أن من (شهادة الزور) حضور أعياد المشركين، وليس مقصدهم الحصر.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لما مر بالحجر: " لا تدخلوا على هؤلاء إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين، فلا تدخلوا عليهم؛ أن يصيبكم ما أصابهم ".
ففي الحديث إشارة إلى تحريم مشاركتهم في أعيادهم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " اقتضاء الصراط المستقيم " (1/ 267): " فإذا كانت الشريعة قد جاءت بالنهي عن مشاركة الكفار في المكان الذي حل بهم فيه العذاب، فكيف بمشاركتهم في الإعمال التي يعملونها! ". أهـ.
وشدد السلف في النهي عن الاحتفال وحضور أعياد المشركين.
- قال عمر – رضي الله عنه –: " لا تعلموا رطانة الأعاجم ولا تدخلوا عليهم كنائسهم فإن السخط ينزل عليهم ".
- وقال: " اجتنبوا أعداء الله في عيدهم ".
- وقال عبدالله بن عمرو: " من بنى في بلاد الأعاجم، وصنع نيروزهم ومهرجانهم، وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك؛ حشر معهم يوم القيامة ".
- وقال ابن سيرين: " أتي علي – رضي الله عنه – بهدية النيروز، فقال: " ما هذه؟ "، قالوا: يا أمير المؤمنين! هذا يوم النيروز، قال: " فاصنعوا كل يوم فيروز ".
والبحث يطول في المسألة، من أراد تأصيل المسألة فليراجع " اقتضاء الصراط المستقيم "، و" أحكام أهل الذمة "، وقد آثرت الاختصار؛ ليسهل نشره بين الإخوان على الشبكة.
هذا والله أعلم، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
¥