تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال الرجل ردًّا على ما قد يُعْتَرَض به عليه: إن أخبار الآحاد معمول بها مقبوله بدليل ... ، وذكر ابن حبان رحمه الله دليله المذكور في كلامه وحاصله أنه لابد في كل حديث أن يرويه واحد ولو في بعض طبقات إسناده، فرد خبر الواحد ردٌّ للسنة والأحاديث.

لكن لماذا أثار ابن حبان هذه القضية في مقدمة كتابه؟

إذا علمنا السبب وراء ذلك بان لنا الأمر بوضوح، وحاصل المسألة أن الناس تكلموا في شرط الصحيح، وخاضوا في شرط البخاري خاصة، وابن حبان له عناية خاصة بالبخاري، بل هو تابع ومختصر لكلامه في كثير من المواضع خاصة في الكلام على الرواة واختيار المذهب في قضايا الاصطلاح، فلمَّا تكلم الناس عن ذلك وكان من بعض الأقوال: اشتراط رواية اثنين على الأقل للحديث، سواء في بعض الطبقات أو جميعها حسب المذاهب المذكورة في ذلك، وقد أشار إليها ابن حجر في أول كتابه «نزهة النظر»، وغيره من العلماء عند كلامهم على الآحاد والمتواتر وشروط الصحيح ونحو ذلك من المباحث، فلما تكلموا في ذلك تكلم ابن حبان أيضًا.

ومسألة الاحتجاج بحديث الآحاد وعدمه كانت مشهورة قبل ابن حبان وتكلم فيها البخاري الْمُعْتَنَى به من قِبَلِ ابن حبان خاصة، فلم يكن ابن حبان ليمر عليها مرور الكرام خاصة وهو في موضع التقديم لكتابه الصحيح، فنَاسَبَ ذلك الكلام عن القضية.

خاصة بعد كلامه عن الاعتبار، والاحتجاج بحديث الواحد متى صحت عدالته، فلابد حينئذ من الكلام على قضية خبر الواحد وقبوله.

فهذا مراد ابن حبان، وهو ظاهرٌ لمن عرف ابن حبان رحمه الله وشخصيته الفيلسوفية أو الأدبية في عباراتها وحوارتها البديعة التي تُؤَدِّب المصطلحات وتخفف من وَقْع العبارات العلمية، وهذا معروف عن ابن حبان رحمه الله تعالى، وقد شرحته في غير موضعٍ بما يغني عن الإعادة هنا.

والمراد حاصل بما مضى في تفسير كلام ابن حبان محل البحث؛ والله وحده أعلم.

وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير