ـ[اللجين]ــــــــ[15 - 04 - 04, 01:25 ص]ـ
http://www.saaid.net/Doat/Zugail/310.htm
منقول من صيد الفوائد للشيخ عبدالله بن زقيل
بسم الله الرحمن الرحيم
القولُ المبينُ في حكمِ التحريقِ والمُثْلةِ بالكفارِ المعتدين
الحمدُ للهِ وبعدُ؛
كثرَ الكلامُ والأخذُ والردُ فيما حصل في " الفلوجة " من سحبٍ وتعليقٍ لجثثِ بعضِ العلوجِ الذين قتلوا من قِبلِ المقاومةِ العراقيةِ، وقرأتُ كثيراً من الردودِ وكثيرٌ منها تكلمت بطريقةٍ عاطفيةٍ غيرِ تأصليةٍ شرعيةٍ، وكانت بعضُ الردودِ علميةً ولكنها لم تفِ بالمقصودِ ولم تعطِ الموضوعَ حقهُ من البحثِ.
ورأيتُ أنهُ لا بد من الكتابةِ في هذا الأمرِ بشيءٍ من التفصيلِ والتأصيلِ لكي يكون الأمرُ مبنياً على قال اللهُ وقال الرسولُ، وليس مجرد عواطف لا تقدمُ ولا تؤخرُ.
وسيكونُ لنا وقفاتٌ مع البحثِ:
الوقفةُ الأولى: تعريفُ المثلةِ:
قال ابنُ فارس في " معجم المقاييس في اللغة " (ص 974) عند مادة " مثل ": الميمُ والثاءُ واللامُ أصلٌ صحيحٌ يدلُ على مناظرةِ الشيءِ للشيءِ ... وقولهم: " مَثَّل به " إذا نَكَّل، هو من هذا أيضاً، لأن المعنى فيه أنه إذا نُكِّل بهِ جُعل ذلك مثالاً لكل من صنع ذلك الصنيعَ أو أراد صنعه، ويقولون: " مَثَل بالقتيلِ " جَدَعه ".ا. هـ.
وقال ابنُ الأثير في " النهاية ": " يقال: مَثَلْتُ بالحيوان أمْثُل به مَثْلاً، إذا قَطَعْتَ أطرافه وشَوّهْتَ به، ومَثَلْت بالقَتيل، إذا جَدَعْت أنفه، أو أذُنَه، أو مَذاكِيرَه، أو شيئاً من أطرافِه. والاسم: المُثْلة. فأمَّا مَثَّل، بالتشديد، فهو للمبالَغة. ومنه الحديث " نَهى أن يُمَثّلَ بالدَّواب " أي تُنْصَب فترْمَى، أو تُقْطَع أطرافُها وهي حَيَّة ".ا. هـ.
فالمُثْلةُ فصلُ أي عضوٍ من الجثةِ ويدخل في ذلك فصلُ رؤوسِ بعضِ القتلى، وإرسالها أو العبث بها.
وبعد هذا التعريفِ المختصرِ من بعضِ كتب اللغةِ يتبينُ أن ما قام به أهلُ الفلوجةِ لا ينطبقُ على التعريفِ اللغوي، فهم لم يمثلوا بجثث الكفرةِ، وإنما أخذوها وقد حُرقت وطافوا بها في الشوارعِ، فلا يقالُ أنهم مثلوا بهم، واللهُ أعلم.
وأما التحريقُ سنأتي عليه إن شاء اللهُ تعالى.
الوقفةُ الثانيةُ: حكمُ المُثْلةِ:
جاءت نصوصٌ تتعلقُ بالمُثْلةِ والتمثيلِ بالجثثِ، ومن خلالِ هذه النصوصِ اختلف أهلُ العلمِ في حكمِ المُثْلةِ على ثلاثةِ أقوالٍ:
القولُ الأولُ:
أن المُثْلةَ حرامٌ بعد القدرةِ عليهم سواءٌ بالحي أو الميتِ، أما قبل القدرةِ فلا بأس به، بل ذهب بعضهم إلى أنهُ لا خلاف في تحريمهِ كالزمخشري في تفسيره (2/ 503) فقال: " لا خلاف في تحريمِ المُثْلةِ "، وحكى الصنعاني الإجماعَ في " سبل السلامِ " (4/ 200) فقال: " ثُمَّ يُخْبِرُهُ بِتَحْرِيمِ الْغُلُولِ مِنْ الْغَنِيمَةِ وَتَحْرِيمِ الْغَدْرِ وَتَحْرِيمِ الْمُثْلَةِ وَتَحْرِيمِ قَتْلِ صِبْيَانِ الْمُشْرِكِينَ وَهَذِهِ مُحَرَّمَاتٌ بِالْإِجْمَاعِ ".ا. هـ.
ولا يُسلمُ للإمامِ الصنعاني بالإجماعِ لأن المسألةَ خلافيةٌ كما سيأتي.
واستدل أصحاب هذا القول بما يلي:
1 - عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ، أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَبِمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا. ثُمَّ قَالَ: اُغْزُوا عَلَى اسْمِ اللَّهِ، فِي سَبِيلِ اللَّهِ، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاَللَّهِ، اُغْزُوا، وَلَا تَغُلُّوا وَلَا تَغْدِرُوا، وَلَا تُمَثِّلُوا، وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا ... الحديث ".
رواهُ مسلم (1731).
قال الإمام الترمذي: وَكَرِهَ أَهْلُ الْعِلْمِ الْمُثْلَةَ.
وعلق المباركفوري على عبارةِ الترمذي فقال: " أَيْ حَرَّمُوهَا فَالْمُرَادُ بِالْكَرَاهَةِ التَّحْرِيمُ وَقَدْ عَرَفْت فِي الْمُقَدِّمَةِ أَنَّ السَّلَفَ رَحِمَهُمْ اللَّهُ يُطْلِقُونَ الْكَرَاهَةَ وَيُرِيدُونَ بِهَا الْحُرْمَةَ ".ا. هـ.
¥