ولو أتلفه ناسيا ضمنه والصحيح إن شاء الله أن هذا تفسد صلاته لأنه أتى بما يفسد الصلاة عمدا
فأشبه ما لو أكره على صلاة الفجر أربعا أو على أن يركع في كل ركعة ركوعين ولا يصح قياسه على الناسي لوجهين أحدهما أن النسيان يكثر ولا يمكن التحرز منه بخلاف الإكراه
والثاني أنه لو نسي فزاد في الصلاة أو نسي في كل ركعة سجدة لم تفسد صلاته
ولم يثبت مثل هذا في الإكراه
القسم الرابع أن يتكلم بكلام واجب مثل أن يخشى على صبي أو ضرير الوقوع في هلكة أو يرى حية ونحوها تقصد غافلا أو نائما أو يرى نارا يخاف أن تشتعل في شيء ونحو هذا ولا يمكن التنبيه بالتسبيح
فقال أصحابنا تبطل الصلاة بهذا
وهو قول بعض أصحاب الشافعي لما ذكرناه في كلام المكره ويحتمل أن لا تبطل الصلاة به وهو ظاهر قول أحمد رحمه الله فإن قال في قصة ذي اليدين
إنما كلم القوم النبي ? حين كلمهم لأنه كان عليهم أن يجيبوه فعلل صحة صلاتهم بوجوب الإجابة عليهم وهذا متحقق ها هنا وهذا ظاهر مذهب الشافعي والصحيح عند أصحابه أن الصلاة لا تبطل بالكلام في جميع هذه الأقسام ووجه صحة الصلاة ها هنا أنه تكلم بكلام واجب عليه أشبه بكلام المجيب للنبي ?
القسم الخامس أن يتكلم لإصلاح الصلاة ونذكره فيما بعد إن شاء الله تعالى
فصل وكل كلام حكمنا بأنه لا يفسد الصلاة فإنما هو في اليسير منه
فإن كثر وطال أفسد الصلاة وهذا منصوص الشافعي وقال القاضي في المجرد كلام الناسي إذا طال يعيد رواية واحدة وقال في الجامع لا فرق بين القليل والكثير في ظاهر كلام أحمد لأن ما عفي عنه بالنسيان استوى قليله وكثيره كالأكل في الصيام
وهذا قول بعض الشافعية
ولنا أن دلالة أحاديث المنع من الكلام عامة تركت في اليسير بما ورد فيه من الأخبار
فتبقى فيما عداه على مقتضى العموم
ولا يصح قياس الكثير على اليسير
لأنه لا يمكن التحريز منه وقد عفي عنه في العمل من غير جنس الصلاة بخلاف الكثير مسألة قال (إلا الإمام خاصة
فإنه إذا تكلم لمصلحة الصلاة لم تبطل صلاته ومن ذكر وهو في التشهد أنه قد ترك سجدة من ركعة فليأت بركعة بسجدتيها ويسجد للسهو)
وجملته أن من سلم عن نقص من صلاته يظن أنها قد تمت ثم تكلم ففيه ثلاث روايات إحداهن أن الصلاة لا تفسد إذا كان الكلام في شأن الصلاة مثل الكلام في بيان الصلاة مثل كلام النبي ? وأصحابه في حديث ذي اليدين لأن النبي ? وأصحابه تكلموا ثم بنوا على صلاتهم ولنا في رسول الله أسوة حسنة
والرواية الثانية تفسد صلاتهم وهو قول الخلال وصاحبه ومذهب أصحاب الرأي لعموم أحاديث النهي والثالثة أن صلاة الإمام لا تفسد لأن النبي ? كان إماما فتكلم وبنى على صلاته وصلاة المأمومين الذين تكلموا تفسد فإنه لا يصح اقتداؤهم بأبي بكر وعمر رضي الله عنهما لأنهما تكلما مجيبين للنبي ? وإجابته واجبة عليهما ولا بذي اليدين لأنه تكلم سائلا عن نقص الصلاة في وقت يمكن ذلك فيها وليس بموجود في زماننا وهذه الرواية اختيار الخرقي واختص هذا بالكلام في شأن الصلاة لأن النبي ? وأصحابه إنما تكلموا في شأنها فاختصت بإباحة الكلام بورود النص لأن الحاجة تدعو إلى ذلك دون غيره فيمتنع قياس غيره عليه فأما من تكلم في صلب الصلاة من غير سلام ولا ظن التمام فإن صلاته تفسد إماما كان أو غيره لمصلحة الصلاة أو غيرها وذكر القاضي في ذلك الروايات الثلاث ويحتمله كلام الخرقي لعموم لفظه وهو مذهب الأوزاعي فإنه قال لو أن رجلا قال للإمام وقد جهر بالقراءة في العصر إنها العصر لم تفسد صلاته ولأن الإمام قد تطرقه حال يحتاج إلى الكلام فيها وهو ما لو نسي القراءة في ركعة فذكرها في الثانية فقد فسدت عليه ركعة فيحتاج أن يبدلها بركعة هي في ظن المأمومين خامسة ليس لهم موافقته فيها ولا سبيل إلى إعلامهم بغير الكلام وقد شك في صلاته فيحتاج إلى السؤال فلذلك أبيح له الكلام ولم أعلم عن النبي ? ولا عن الصحابة ولا عن الإمام نصا في الكلام في غير الحال التي سلم فيها معتقدا تمام الصلاة ثم تكلم بعد السلام وقياس الكلام في صلب الصلاة عالما بها على هذه الحالة ممتنع
¥