المتوفى سنة 981 هـ.
وكان في مصر من الأعلام يوم أن حلّ بها الإمام مرعي الكرمي عدد وافر من الأئمة الكبار كالإمام العلامة عبد الرؤوف المناوي المتوفى سنة 1031هـ، والإمام إبراهيم بن حسن اللّقاني المتوفى سنة 1041 هـ والإمام نور الدين الحلبي المتوفى سنة 1044 هـ، وغيرهم كثير] (1).
وعاش الشيخ مرعي في فترة شهدت عدداً من علماء الحنابلة منهم: أبو نمي التميمي المتوفى سنة 1014 هـ، عبد القادر الدنوشرب المتوفى سنة 1030هـ، وأجمد البسام المتوفى سنة 1040 هـ، ومنصور البهوتي المتوفى سنة 1051 هـ، وياسين اللبدي المتوفى سنة 1058هـ، وابن النجار الفتوحي المتوفى سنة 1064هـ وغيرهم (2).
والعصر الذي عاش فيه الشيخ مرعي يوصف بأنه عصر استقرار المذهب الحنبلي وهو الدور الرابع من الأدوار التي مر بها المذهب وهي:
1. دور التأسيس وذلك في حياة الإمام أحمد بن حنبل المتوفى سنة 241 هـ، وفي هذه الفترة نشأ المذهب وظهرت معالمه الأصلية.
2. دور النقل والنمو وهو دور التوسع والانتشار والتطور وكان ذلك في عصر تلاميذ الإمام أحمد وتلاميذهم كالخلال المتوفى سنة 311 هـ والخرقي سنة 334 هـ.
3. دور تحرير المذهب وتنقيحه وفيها ظهر كبار شيوخ المذهب الذين حرروا المذهب وفي هذه الفترة ظهر القاضي أبو يعلى الفراء المتوفى سنة 458 هـ والشيخ ابن قدامة المقدسي المتوفى سنة 620هـ وشيخ الإسلام أحمد ابن تيمية المتوفى سنة 728هـ ووالده عبد الحليم ابن تيمية المتوفى سنة 682 هـ وجده المجد ابن تيمية المتوفى سنة 652 هـ وهو تلميذ ابن قدامة المقدسي.
قال ابن مفلح عن آل تيمية الثلاثة: [كوكب بين شمس وقمر].
الشمس: شيخ الإسلام أحمد والكوكب الوالد عبد الحليم والقمر الجد مجد الدين أبو البركات
عبد السلام، رحم الله الجميع (3).
وفي هذه الفترة ظهر ابن مفلح المتوفى سنة 884 هـ وغير هؤلاء كثير.
4. دور الاستقرار وفي هذا الدور استقر المذهب بعد أن استفاد العلماء الذين عاشوا في هذا الدور من كتب المذهب المحررة في ما سبق ويبدأ هذا الدور بإمام المذهب في زمانه وجامع شتاته ومحرر رواياته من حقق فيه ودقق منقح المذهب العلامة المرداوي أبو الحسن علاء الدين علي بن سليمان المرداوي المتوفى سنة 885 هـ - أرجو أن يعقد يوم دراسي عنه أو تعقد حلقة دراسية عنه وعن أثره في المذهب -، وفي هذه الفترة ظهر حوالي مئة فقيه من فقهاء الحنابلة ومن أعلامهم:
- يوسف بن عبد الهادي المتوفى سنة 909 هـ.
- والعلامة أحمد الشويكي المتوفى سنة 939 هـ.
- والعلامة موسى الحجاوي المتوفى سنة 968هـ.
- والعلامة ابن النجار الفتوحي المتوفى سنة 972 هـ وغيرهم.
وفي هذا العصر عاش الشيخ العلامة مرعي الكرمي.
ويعتبر الشيخ مرعي من مجتهدي المذهب المتأخرين (4).
ويعتبر الشيخ مرعي أيضاً من محققي المذهب المتأخرين.
قال المحبي عند ذكر مؤلفات الشيخ مرعي: [فمنها كتاب غاية المنتهى في الفقه، قريب من أربعين كراساً وهو متن جمع من المسائل أقصاها وأدناها مشى فيه مشي المجتهدين في التصحيح والاختيار والترجيح] (5).
والمقصود بالمجتهدين الذين ينسب إليهم الشيخ مرعي هم المجتهدون في المذهب، والمجتهد في المذهب هو من يقوم: [بحفظ المذهب ونقله وفهمه فهذا يعتمد نقله وفتواه به فيما يحكيه من مسطورات مذهبه من منصوصات إمامه أو تفريعات أصحابه المجتهدين في مذهبه وتخريجاتهم.
وأما ما لا يجده منقولاً في مذهبه: فإن وجد في المنقول ما هذا معناه بحيث يدرك - من غير فضل فكر وتأمل - أنه لا فارق بينهما كما في الأَمَة بالنسبة إلى العبد المنصوص عليه في إعتاق الشريك: جاز له إلحاقه به والفتوى به وكذلك ما يعلم اندراجه تحت ضابط ومنقول ممهد محرر في المذهب.
وما لم يكن كذلك: فعليه الإمساك عن الفتيا فيه.
ومثل هذا يقع نادراً في حق مثل هذا المذكور.
إذ يبعد أن تقع واقعة حادثة لم ينص على حكمها في المذهب ولا هي في معنى بعض المنصوص عليه من غير فرق ولا مندرجة تحت شيء من قواعد وضوابط المذهب المحرر فيه.
ثم إن هذا الفقيه: لا يكون إلا فقيه النفس لأن تصوير المسائل على وجهها ونقل أحكامها بعده: لا يقوم به إلا فقيه النفس ويكفي استحضاره أكثر المذهب مع قدرته على مطالعة بقيته قريباً] (6).
¥