قال صاحب سبل السلام: فيه دليل على وجوب العزم على الجهاد. السبل 4/ 86، وروينا في صحيح مسلم 1896 من طريق يحيى بن أبي كثير ويزيد بن أبي سعيد كلاهما عن أبي سعيد مولى المهدي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله r بعث إلى بني لحيان: ((ليخرج من كل رجلين رجل))، ثم قال للقاعد: ((أيكم خلف الخارج في أهله وماله بخير كان له مثل نصف
الخارج)) ().
كلهم من حديث حماد بن سلمة عن حميد عن أنس أن النبي r قال:
((جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم)).
وأخرج أبو داود (2503)، وابن ماجه (2762)، والدارمي 2/ 209 كلهم عن الوليد بن مسلم () عن يحيى بن الحارث عن القاسم بن
عبد الرحمان عن أبي أمامة أن النبي r قال ((من لم يغز ولم يجهز غازياً أو يخلف غازياً في أهله بخير أصابه الله بقارعة قبل يوم القيامة)).
وروينا في صحيح البخاري (2797) من حديث الزهري عن سعيد بن المسيب أن أبا هريرة t قال: سمع النبي r يقول ((والذي نفسي بيده لولا أن رجالاً من المؤمنين لا تطيب أنفسهم أن يتخلفوا عني ولا أجد ما أحملهم عليه ما تخلفت عن سرية تغزو في سبيل الله، والذي نفسي بيده لوددت أني أقتل في سبيل الله ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا، ثم أقتل)) ().
هذه الأدلة وغيرها تفيد (أن الجهاد فرض على المسلمين فإذا قام به من يدفع العدو ويغزوهم في عقر دارهم ويحمي ثغور المسلمين سقط فرضه عن الباقين وإلا فلا .. ) () ولذا قال تعالى:) وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (().
وأما إذا احتل الكفار بلداً من بلاد الإسلام فإنه يكون واجباً على أهل البلد كما هو الجاري في العراق الآن فإن الجهاد يكون فرضاً عليهم ويجب على إخوانهم المسلمين أن يعينوهم في ذلك.
قال أبو العباس بن تيمية رحمه الله: ((وأما قتال الدفع فهو أشد أنواع دفع الصائل ودفع الصائل عن الحرمة والدين واجب إجماعاً فالعدو الصائل الذي يفسد الدين والدنيا لا شيء أوجب بعد الإيمان من دفعه فلا يشترط له شرط بل يدفع بحسب الإمكان وقد نص على ذلك العلماء أصحابنا وغيرهم فيجب التفريق بين دفع الصائل الظالم الكافر وبين طلبه في بلاده ما هو من الاختيار)) ص447.
وقال أبو عبد الله القرطبي رحمه الله تعالى: ((إذا تعين الجهاد بغلبة العدو على قطر من الأقطار أو بحلوله بالعُقْر فإذا كان ذلك وجب على جميع أهل تلك الدار أن ينفروا ويخرجوا إليه خفافاً وثقالاً شباباً وشيوخاً كلًّ على قدر طاقته من كان له أب بغير إذنه ومن لا أب له ولا يتخلف أحد يقدر على الخروج من مقاتل أو مكثر فإن عجز أهل تلك البلدة عن القيام بعدوهم كان على من قاربهم وجاورهم أن يخرجوا على حسب ما لزم أهل تلك البلدة حتى يعلموا أن فيهم طاقة على القيام بهم ومدافعتهم وكذلك كل من علم بضعفهم عن عدوهم علم أنه يدركهم ويمكنه غياثهم لزمه أيضاً الخروج إليهم فالمسلمون كلهم يدٌ على من سواهم حتى إذا قام بدفع العدو أهل الناحية التي نزل العدو عليها واحتل بها سقط الفرض عن الآخرين ولو قارب العدو بلاد الإسلام ولم يدخلوها لزمهم أيضاً الخروج إليه حتى يظهر دين الله وتحمى البيضة وتحفظ الحوزة ويخزى العدو ولا خلاف في هذا)). ()
وقال أبو بكر الجصاص رحمه الله تعالى: ((ومعلوم في اعتقاد جميع المسلمين أنه إذا خاف أهل الثغور من العدو ولم تكن فيهم مقاومة لهم فخافوا على بلادهم وأنفسهم وذراريهم أن الفرض على كافة الأمة أن ينفر إليهم من يكف عاديتهم عن المسلمين وهذا لا خلاف فيه بين الأمة إذا ليس من قول أحد من المسلمين إباحة القعود عنهم حتى يستبيحوا دماء المسلمين وسبي ذراريهم ولكن موضع الخلاف بينهم أنه متى كان بإزاء العدو مقاومون ولا يخافون غلبة العدو عليهم هل يجوز للمسلمين ترك جهادهم ... () قلت هذا الأمر معلوم من الدين بالضرورة.
هذا وقد وقعت على كتاب ألّفه الأخ يحيى الجبوري وفقه الله تعالى، واسمه
¥