1 - أنه مخالف للحديث الصحيح الذي رويناه من طريق أحمد 21355 والترمذي 2568 كلاهما من طريق ربعي بن حراش عن زيد بن ظبيان يرفعه إلى أبي ذر عن النبي r قال: ((ثلاثة يحبهم الله وثلاثة يبغضهم الله فأما الذين يحبهم الله ... ورجل كان في سرية فلقي العدو فهزموا واقبل بصدره حتى يقتل أو يفتح له .. )) قال أبو عيسى: هذا حديث صحيح وصححه ابن حبان 3349 و3350 و4771، والحاكم 1/ 416 - 417 وقال: صحيح على شرط الشيخين و2/ 113 وصحيح إسناده.
فقوله عليه الصلاة والسلام ((وأقبل بصدره حتى يقتل أو يفتح له)) وأن هذا مما يحبه الله يخالف ما قاله العز بن عبد السلام أنه يجب الانهزام ولذا بوّب عليه أبو حاتم ابن حبان 11/ 91: ذكر البيان بأن الثبات في الحرب عند انهزام المسلمين مما يحبه الله أ. ه.
وقد كان بعض الصحابة والتابعين وغيرهم من المسلمين يثبت لوحده للعدو طلباً للشهادة أو يهجم على صفوف العدو لوحده وهو حاسر وهذا معلوم مشهور من سيرة المسلمين وقد أخرج أبو داود 2512 والترمذي 2972 والنسائي في الكبرى 10691 و10962 كلهم. من طريق يزيد بن أبي حبيب عن أسلم قال: غزونا من المدينة نريد القسطنطينية فحمل رجل على العدو فقال الناس مه مه لا إله إلا الله يلقي بيديه إلى التهلكة فقال أبو أيوب الأنصاري: إنما نزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار لما نصر الله نبيه r وأظهر الإسلام قلنا: هلم نقيم في أموالنا ونصلحها فأنزل الله تعالى:) وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (() فالإلقاء بالأيدي إلى التهلكة أن نقيم في أموالنا وندع الجهاد، وقال أسلم لم يزل أبو أيوب يجاهد في سبيل الله حتى دفن في القسطنطينية أ. ه.
فتبين أن المصلحة في مهاجمة العدو الثبات عند لقاءه حتى ولو كان الإنسان لوحده وأن ترك الجهاد هو المفسدة لأنه إلقاء اليد في التهلكة وتقدم قوله تعالى:) فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنْكِيلاً (().
روى أبو محمد بن حزم في المحلى 7/ 294 من طريق شعبه عن أبي اسحق قال سمعت رجلاً سأل البراء بن عازب t : أرأيت لو أن رجلاً حمل على الكتيبة وهم ألف ألقى بيده إلى التهلكة قال البراء: لا ولكن التهلكة أن يصيب الرجل الذنب فيلقي بيده ويقول: لا توبة لي. أه وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق الجراح الكندي عن أبي إسحق به وعنده (الرجل يلقى مئة من العدو فيقاتل ... ) والأول أصح لأنه من طريق شعبة.
وقال أبو محمد بن حزم رحمه الله تعالى في المحلى 7/ 294: ((قد صح عنه عليه السلام أن رجلا من أصحابه سأله ما يضحك الله من عبده قال: غمسه يده في العدو حاسراً، فنزع الرجل درعه ودخل في العدو حتى قتل t أه)).
إن كلام العز بن عبد السلام فيما يظهر – ليس في قتال الدفع حتى يقال به فيما يجري على المسلمين الآن وإنما في قتال الطلب، والله أعلم. ولذلك أوجب التولي إذا علم الإنسان أنه يقتل من غير نكاية في الكفار وأما في قتال الدفع فلو حصل التولي والانهزام من المسلمين لاستولى الكفار على بلاد الإسلام وقتلوا المسلمين وسبوا الذرية والنساء وهدموا المساجد وخربوا العمران، وهذه مفاسد عظيمة يحصل معها شفاء صدور الكفار وإرغام أهل الإسلام نعوذ بالله من
ذلك، وهذا لا يقوله أحد فظهر والله أعلم أن كلام العز بن عبد السلام هذا في جهاد الطلب لا الدفع فهو غير وارد على جهاد إخواننا في العراق.
قال أبو العباس بن تيمية رحمه الله تعالى: ((وقتال الدفع: مثل أن يكون العدو كثيرا لا طاقة للمسلمين به لكن يخاف إن انصرفوا عن عدوهم عطف العدو على من يخلفون من المسلمين فهنا قد صرح أصحابنا بأنه يجب أن يبذلوا معهم ومنهج من يخاف عليهم في الدفع حتى يسلموا ونظيرها: أن يهجم العدو على بلاد المسلمين وتكون المقاتلة أقل من النصف فإن انصرفوا استولوا على الحريم فهذا وأمثاله قتال دفع لا قتال طلب لا يجوز الانصراف فيه بحال، ووقعة أحد من هذا الباب من الاختيارات العلمية ص449.
¥