فأقول وبالله التوفيق: يجب على المسلمين في عموم العراق أن يتخذوا أميرا لهم تجتمع عليه كلمتهم ويبايعونه بيعة شرعية قال علي بن محمد الماوردي رحمه الله تعالى في كتابه الأحكام السلطانية صفحة 5 الباب الأول في عقد الإمامة:
الإمامة موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا وعقدها لمن يقوم بها في الأمة واجب بالإجماع وإن شذ عنهم الأصم ... أ. ه.
ولا حاجة إلى ذكر الأدلة لأن هذا الواجب معلوم من الدين بالضرورة وقد أجمع على ذلك المسلمون كما تقدم. قال الأفوه الأودي:
لا يصلح الناس فوضى لا سراه لهم = ولا سراه إذا جهالهم سادوا
وأما إذا لم يتمكنوا من هذا الأمر فعلى أهل كل ناحية ومدينة أن يجتمعوا ويسيروا الأمور في مدينتهم وفق الكتاب والسنة وقد ذكر أبو المعالي الجويني في كتابه الغياثي عند فقد الإمام أن على أهل كل بلد أن يلجئوا إلى مجتهديهم ليحكموا بينهم بأحكام الشرع.
وقال موفق الدين ابن قدامه رحمه الله تعالى في كتابه المغني 13/ 17: فإن عدم الإمام لم يؤخر الجهاد لأن مصلحته تفوت بتأخيره وإن حصلت غنيمة قسمها أهلها على موجب الشرع قال القاضي - قلت: أبو يعلى - ويؤخر قسمة الإماء حتى يظهر إمام احتياطا للفروج.
فإن بعث الإمام جيشا وأمر عليهم أميرا فقتل أو مات فللجيش أن يؤمروا واحدا منهم كما فعل أصحاب النبي r في جيش مؤتة لما قتل أمراؤهم الذين أمرهم النبي r أمروا عليهم خالد بن الوليد t فبلغ النبي r فرضي أمرهم وصوب رأيهم وسمى خالدا يومئذ (سيف الله) ... أه.
وقال عبد الرحمان بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب -رحمهم الله تعالى- الدرر السنية 8/ 200 في الرد على من قال إن الجهاد لا يجب إلا مع إمام متبع قال: ويقال: بأي كتاب أم بأي حجة أن الجهاد لا يجب إلا مع إمام متبع هذا من الفرية في الدين والعدول عن سبيل المؤمنين والأدلة على إبطال هذا القول أشهر من أن تذكر.
ثم ذكر بعض الأدلة ومنها قصة أبي بصير فقال: إذا علم: بقصة أبي البصير لما جاء مهاجرا فطلبت قريش من رسول r أن يرده إليهم بالشرط الذي كان بينهم في صلح الحديبية فانفلت منهم حين قتل المشركين () اللذين آتيا في طلبه فرجع إلى الساحل لما سمع رسول الله r يقول ((ويل أمه مسعر حرب لو كان معه غيره)) فتعرض لعير قريش إذا أقبلت من الشام يأخذ ويقتل فاستقل بحربهم دون رسول الله r ...
القصة بطولها () فهل قال رسول الله r أخطأتم في قتال قريش لأنكم لستم مع إمام سبحان الله ما أعظم مضرة الجهل على أهله عياذا بالله من معارضه الحق بالجهل والباطل… ... أ. ه.
قلت: والشاهد من هذه القصة تصرف أبي بصير ومن معه بدون إمام في إقامة حدود الشرع. وقد بوب البخاري في صحيحه في كتاب الحدود باب 39 من أدب أهله أو غيره دون السلطان. وقال أبو عبد الرحمان النسائي في كتابه السنن 8/ 61 باب: من اقتص وأخذ حقه دون السلطان.
وقال أيضا 8/ 226 إذا حكموا رجلا فقضى بينهم ثم ساق من طريق شريح بن هانىء عن أبيه أنه لما وفد إلى رسول الله r سمعه وهم يكنون هانئا أبا الحكم فدعاه رسول الله r وقال له: ((إن الله هو الحكم فلم تكنى أبي الحكم)) فقال: إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم فرضي كلا الفريقين قال: ((ما أحسن من هذا فما لك من الولد ... )).
والشاهد من هذا أن رسول الله r أقر تصرفهم في التحاكم إلى هذا الرجل والرضى بحكمه ويلزم من هذا العمل بموجب حكمه كما أقر تصرف سلمه بن الأكوع عندما أغار الكفار على لقاح النبي r فصادفهم خارجا من المدينة تبعهم فقاتلهم من غير إذن فمدحه النبي r وقال: ((خير رجالتنا سلمة ابن الأكوع وأعطاه سهم فارس وراجل)) ينظر كتاب الشرح الكبير 10/ 172 لشمس الدين المقدسي والحديث أخرجه مسلم 1807 والشاهد من كل ما تقدم هو تصرف المسلمين عندما لا يكون هناك إمام فيما بينهم في إقامة أحكام الشرع.
السؤال الثالث:
ما هو الموقف الواجب من مجلس الحكم المعين من قبل قوات الاحتلال الكافرة؟ ..
جواب السؤال الثالث:
أقول وبالله التوفيق هذا المجلس المعين من قبل الكفار والمسمى بمجلس الحكم مجلس باطل وليس له أية سلطة شرعا ولا تجوز طاعته مطلقا إلا لمكره وذلك لأمرين:
¥