أغزرهم حديثا فعروة بن الزبير و لا تشأ أن تفجر من عبيد الله بن عبد الله بحرا
إلا فجرته. قال عراك: و أعلمهم جميعا عندى محمد بن شهاب، لأنه جمع علمهم
إلى علمه.
و قال عبد الرزاق عن معمر: قال عمر بن عبد العزيز لجلسائه: هل تأتون ابن شهاب
قالوا: إنا لنفعل. قال: فائتوه فإنه لم يبق أحد أعلم بسنة ماضية منه.
قال معمر: و إن الحسن و ضرباءه لأحياء يومئذ.
و قال عمرو بن أبى سلمة: سمعت سعيد بن عبد العزيز يحدث عن مكحول. قال: ما
بقى على ظهرها أحدا أعلم بسنة ماضية من الزهرى.
و قال أبو صالح، عن الليث بن سعد: ما رأيت عالما قط أجمع من ابن شهاب، و لا
أكثر علما منه. لو سمعت ابن شهاب يحدث فى الترغيب لقلت لا يحسن إلا هذا، و إن
حدث عن العرب و الأنساب قلت: لا يحسن إلا هذا، و إن حدث عن القرآن و السنة
كان حديثه نوعا جامعا.
و قال سعيد بن أبى مريم، عن الليث بن سعد: قلت لابن شهاب: يا أبا بكر لو
وضعت للناس هذه الكتب و دونته فتفرغت، فقال: ما نشر أحد من الناس هذا العلم
نشرى و لا بذله بذلى، قد كان عبد الله بن عمر يجالس فلا يجترىء عليه أحد
يسأله عن حديث حتى يأتيه إنسان فيسأله فيهيجه ذلك على الحديث أو يبتدىء هو
الحديث، و كنا نجالس سعيد بن المسيب لا نسأله عن حديث حتى يأتى إنسان فيسأله
فيهيجه ذلك فيحدث بالحديث أو يبتدىء هو من عند نفسه فيحدث به.
و قال عبد الرحمن بن مهدى، عن وهيب بن خالد: سمعت أيوب يقول: ما رأيت أحدا
أعلم من الزهرى. فقال له صخر بن جويرية: و لا الحسن؟ فقال: ما رأيت أعلم من
الزهرى.
و قال عبد الرزاق: سمعت عبيد الله بن عمر يقول: لما نشأت و أردت أن أطلب
العلم جعلت آتى أشياخ آل عمر رجلا رجلا و أقول: ما سمعت من سالم؟ فكلما أتيت
رجلا منهم قال: عليك بابن شهاب فإن ابن شهاب كان يلزمه.
قال: و ابن شهاب حينئذ بالشام.
و قال سفيان بن عيينة: قال أبو بكر الهذلى: قد جالست الحسن، و ابن سيرين،
فما رأيت أحدا أعلم منه ـ يعنى الزهرى.
و قال عبد الملك بن الماجشون، عن إبراهيم بن سعد: قلت لأبى: بما فاقكم
الزهرى؟ قال: كان يأتى المجالس من صدورها و لا يأتيها من خلفها، و لا يبقى
فى المجلس شابا إلا ساءله و لا كهلا إلا ساءله، و لا فتى إلا ساءله، ثم يأتى
الدار من دور الأنصار فلا يبقى فيها شابا إلا ساءله، و لا كهلا إلا ساءله،
و لا عجوزا إلا سائلها، و لا كهلة إلا سائلها حتى يحاول ربات الحجال.
و قال هشام بن عمار: أخبرنا الوليد بن مسلم عن سعيد بن عبد العزيز أن هشام بن
عبد الملك سأل الزهرى أن يملى على بعض ولده شيئا من الحديث، فدعا بكاتب و أملى
عليه أربع مئة حديث، فخرج الزهرى من عند هشام، فقال: أين أنتم يا أصحاب
الحديث؟ فحدثهم بتلك الأربع مئة، ثم لقى هشاما بعد شهر أو نحوه، فقال للزهرى
إن ذلك الكتاب قد ضاع. قال: لا عليك، فدعا بكاتب فأملاها عليه ثم قابل هشام
بالكتاب الأول فما غادر حرفا.
و قال أبو إسماعيل الترمذى عن إسماعيل بن أبى أويس: سمعت خالى مالك بن أنس
يقول: إن هذا العلم دين فانظروا عن من تأخذون دينكم، لقد أدركنا فى هذا
المسجد سبعين. و أشار إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن يقول: قال
فلان، قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم فما أخذت عنهم شيئا، و إن أحدهم لو
ائتمن على بيت مال لكان به أمينا لأنهم لم يكونوا من أهل هذا الشأن، و يقدم
علينا محمد بن مسلم بن شهاب الزهرى و هو شاب فنزدحم على بابه.
و قال عبد الرزاق، عن معمر: ما رأيت مثل حماد بن أبى سليمان فى الفن الذى هو
فيه، و لا رأيت مثل الزهرى فى الفن الذى هو فيه.
و قال يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، عن الزهرى: إن للعلم غوائل فمن
غوائله أن يترك العالم حتى يذهب علمه و من غوائله النسيان، و من غوائله الكذب
فيه و هو أشد غوائله.
و قال معمر، عن الزهرى: إذا طال المجلس كان للشيطان فيه نصيب.
و قال سفيان بن عيينة، عن الزهرى: إعادة الحديث أشد من نقل الصخر.
و قال محمد بن ثور، عن معمر: سمعت الزهرى يقول: القراءة على العالم و السماع
منه سواء.
و قال أنس بن عياض عن عبيد الله بن عمر: كنت أرى الزهرى يعطى الكتاب فلا يقرأه
¥