تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) (الزمر:36)، وقوله تعالى: (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) (الطلاق: من الآية3)،. فالناس يقعون في المداهنة والتنازلات في دين الله عز وجل باسم السماحة، ولا شك أن هذا من التلبيس، خاصة إذا علم أن من لوازم هذا الأمر أن يظهر على جوارح المرء، فلا يستقيم لإنسان يدعي أنه يوالي في الله ويحب في الله ويبغض في الله وتجده ينبسط وينصر ويؤيد من أبغضه الله، فبغض أعداء الله من النصارى واليهود وغيرهم محله القلب، لكن يظهر على الجوارح لا أن يمد يده للكفار من قريب أو بعيد، بل العكس عليه أن يجهر بمعاداة أعداء الله وإظهار بغضهم ومنابذتهم بالسنان واللسان والجنان ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، وعدم التعاون معهم، ولا المشاركة بأعيادهم، يقول الله تعالى: (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ) (الفرقان:72) والزور كما قال بعض المفسرين هو: أعياد المشركين ولهذا تجد أهل العلم في غاية التحذير من هذا الأمر حتى إن بعض علماء الأحناف قال: ((من أهدى لمجوسي بيضة في يوم النيروز فقد كفر))، بل ولا بدئهم بالسلام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام؛ فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه)) [رواه مسلم]، ولا التشبه بهم فيما هو من خصائصهم من أمور الدنيا كالأخلاق وكالملبس وطريقة الأكل والشرب وعاداتهم الخاصة الأخرى أو أمور الدين كالتشبه بشعائر دينهم وعبادتهم، أو ترجمة كتبهم وأخذ علومهم برمتها من غير تمحيص ومعرفة وتنقية، أو استعارة قوانينهم ومناهجهم في الحكم والتربية، والعمل بها، وإلزام الناس عليها، وعدم الترحم عليهم، ولا مداهنتهم ومجاملتهم ومداراتهم على حساب الدين، أو السكوت على ما هم عليه من المنكر والباطل، قال الله تعالى: (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ) (القلم:9)، وقال: (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ) (هود:113) وعدم التحاكم إليهم، أو الرضى بحكمهم لأن متابعتهم يعني ترك حكم الله تعالى، قال تعالى: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) (البقرة:120)، ولا تعظيمهم ومخاطبتهم بالسيد والمولى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تقولوا للمنافق سيد فإنه إن يك سيداً فقد أسخطتم ربكم عز وجل)). وهذا هو الأصل في التعامل مع أعداء الله، وقد بين أهل العلم أن المؤمن تجب محبته وإن أساء إليك، والكافر يجب بغضه وعداوته وإن أحسن إليك، وقد أوجب الله معاداة الكفار والمشركين، وحرم موالاتهم وشدد فيه، حتى أنه ليس في كتاب الله حكم فيه من الأدلة أكثر وأبين من هذا الحكم بعد وجوب التوحيد وتحريم ضده، ولا يستثنى من إظهار هذا البغض والكره والمعاداة إلا خشية فوت النفس أو تعاظم المفاسد، ومعلوم أن الضرورات تقدر بقدرها، وبضابط الشرع لا الهوى كما يحصل في كثير من بلاد المسلمين وخاصة المحتلة من الكفار، وما يجري الآن من تمييع لهذه العقيدة. وهذا الحد الفاصل بين أولياء الرحمان وأولياء الشيطان وبتنظيم شيطاني وأسلوب خبيث من محاولات لمحو هذا المفهوم من مناهج التعليم حتى وصل الأمر إلى المنابر وعلى لسان أئمة السوء أو من أطم الجهل عقله أو من غُرر به فاغتر وسار بركب من عتى وتجبر وبدأ يبث هذا الزيغ بغطاء الدعوى آنفة الذكر ممرراً هذا المكر على بسطاء الناس ومن هم على شاكلته، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، قال أبو الوفاء بن عقيل: ((إذا أردت أن تعلم محل الإسلام من أهل الزمان فلا تنظر إلى زحامهم في أبواب الجوامع ولا ضجيجهم في الموقف بلبيك، وإنما انظر إلى مواطأتهم أعداء الشريعة)). وقد كان الإمام أحمد - رحمه الله - إذا نظر إلى نصراني أغمض عينيه، فقيل له ذلك

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير