فقال - رحمه الله -: ((لا أستطيع أن أنظر إلى من افترى على الله وكذب عليه)) فانظر أخي المسلم كيف كان الإمام أحمد يغار على الله من أن ينظر إلى من افترى وقال: إن لله ولداً - تعالى الله عما يقول علواً كبيراً - وقارن بمن ذكرنا سابقاً ممن يتعامل ولا يتعاون على حد زعمه، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه في شأن النصارى: ((أهينوهم ولا تظلموهم، فإنهم سبوا الله تعالى أعظم المسبة))، على أن لا ننسى أن لا يحملنا هذا الأمر على الظلم؛ فقد أمرنا الله تعالى بالعدل حيث قال تعالى: (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (الممتحنة:8) ويقول في الحديث القدسي: ((ياعبادي، إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا))، كذلك من مقتضى الولاء والبراء الانضمام إلى جماعة المسلمين، وعدم التفرق عنهم، والتعاون معهم على البر والتقوى، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال تعالى: (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً) (النساء:115)، وكذلك من مقتضى الولاء والبراء عدم التجسس على المسلمين، أو نقل أخبارهم وأسرارهم إلى عدوهم، وكف الأذى عنهم، وإصلاح ذات بينهم، قال تعالى: (وَلا تَجَسَّسُوا) (الحجرات: 12) وكذلك نصرتهم، وأداء حقوقهم من عيادة مريض واتباع جنائز، والرفق بهم واللين والرقة والذل وخفض الجناح معهم. وأهل السنة والجماعة يقسمون الناس في الموالاة إلى ثلاثة أقسام: أولاً: من يستحق الموالاة والحب المطلق وهم المؤمنون الخلص الذين آمنوا بالله تعالى رباً، وبرسوله صلى الله عليه وسلم نبياً، وقاموا بشعائر الدين علماً وعملاً واعتقاداً قال الله تعالى: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) (المائدة:55) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً)) [رواه البخاري] وقال: ((المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه)) [رواه البخاري].
ثانياً - من يستحق الموالاة والحب من جهة والمعاداة والبغض من جهة أخرى، وهم عصاة المؤمنين يحبون لما فيهم من الإيمان والطاعة، ويبغضون لما فيهم من المعصية والفجور التي هي دون الكفر والشرك.
ثالثاً – من يستحق المعاداة والبغض المطلق وهم الكفار الخلص الذين يظهر كفرهم وزندقتهم، وعلى اختلاف أجناسهم من اليهود والنصارى، والمشركين، والملحدين، والوثنين، والمجوس، والمنافقين، أو من تبعهم من أصحاب المذاهب الهدامة، والأحزاب العلمانية.
ختاماً أخوة الإيمان نقول عودة إلى مفهوم لا إله إلا الله محمد رسول الله الفهم الصحيح، كما فهمه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الأخيار، وتحكيماً لشريعة الله واتباعاً لما أنزله وكفراً بكل طاغوت وبكل عرف وبكل هوى وبكل عادة أو تقليد تشرع للناس ما لم ينزل الله، عند ذاك وحسب يكون صلاح الدين والدنيا، وخير الآخرة والأولى، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: ((فلا تزول الفتنة عن القلب إلا إذا كان دين العبد كله لله عز وجل، فيكون حبه لله ولما يحبه الله، وبغضه لله ولما يبغضه الله، وكذلك موالاته ومعاداته)) هذا، وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[26 - 04 - 04, 07:27 م]ـ
أحسنت أخي الدكتور ماهر .. على طرق هذا الموضوع المُهِم، وهذا البيان البديع المُلِم
ووالله إنك لتحزن أشد الحزن إذا رأيت من وُلِدَ على التوحيد، والسنة، ورضع العقيدة الصحيحة؛ يلاطف، ويضاحك، ويعاشر الكافر وكأنه ولي حميم!
وأعجب من ذا من ظاهره الصلاح، تراه قد بادرهم بالجميل، والثناء والتبجيل، بل والسلام، والتقبيل!! وغابت عنه عداوتهم، وكفرهم بالله ومعاندتهم! فيا لله كم في هذا من خلل، ونقص وزلل!
يا هذا أتحُِب من أبغضه الله؟! وتقرب من أبعده الله؟!
أتصافي من يرمي نبينا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بالزور، والكذب، أو يرمي أصحابه بالردة، والنفاق! باسم الوطنية، والأخوة الإنسانية! والمصالح المشتركة، والفهوم المنفتحة!
ألا شاهت الوجوه، والأفهام ضعيفة الأديان.
مالَكَ؟ ألا عقل لك به تفكر؟! وفهم لك به تدبر؟
ألا تعلم بعظم الذنب، والجناية؟
ولعلك، وهذا حالك قد تستعظم من غيرك ذنوبا، وعيوبا، هي في الحقيقة دون ما فعلت! لكنك غافل، أو مغرور متجاهل،
إذا كان هذا حال من درى فما حال الجاهل إذن!
قال العلامة سليمان بن سحمان رحمه الله كما في الدرر السنية 1/ 583
فعاد الذي عادى لدين محمد ** ووال الذي والاه من كل مهتد
وأحبب لحب الله من كان مؤمناً ** وأبغض لبعض الله أهل التمرد
وما الدين إلا الحب والبغض والولا ** كذاك البرا من كل غاو ومعتد
¥