تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الله عليه وسلم قبل خروجهم بأنهم يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم (البخاري ومسلم والترمذي وغيرهم) وأنهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية (البخاري ومسلم والترمذي وأبو داود)، وأن المسلم الصالح يحقر صلاته إلى صلاتهم، وصيامه إلى صيامهم (البخاري ومسلم وابن ماجه وأحمد) وذلك من كثرة تعبدهم وزهادتهم، وقد ظهرت أول أفكار الخوارج وأقوالهم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وذلك عندما كان يوزع غنائم هوازن فأعطى مسلمة الفتح مائة من الإبل لكل واحد منهم ولم يعط المهاجرين الأولين والأنصار شيئاً فرأى ذلك رجل جاهل متشدد مارق فظن أن الرسول إنما حابي أهله وعشيرته بالغنائم وظن أن هذه مداهنة لقريش فقال للرسول: اعدل يا محمد، فوالله هذه قسمة ما أريد به وجه الله، هذا الجاهل الجلف المارق يقول للرسول: اعدل، ولو علم أن الله اختار رسوله لرسالته وأن الله لا يضع الرسالة إلا في موضعها لما ظن بالرسول سوءاً ثم اتهم نية الرسول صلى الله عليه وسلم وحاشاه صلى الله عليه وسلم أن يظهر خلاف ما يبطن وأن يفعل شيئاً لا يريد به وجه الله ولذلك قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ويحك ومن يعدل إذا لم أعدل؟ يأمنني الله على خبر السماء ولا تأمنوني؟] فقال عمر: دعني يا رسول الله أضرب عنقه، فقال: [دعه لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه] ثم قال: [يخرج من ضئضئ هذا قوم يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية لئن أدركتهم لأقتلهم قتل عاد] وقال أيضاً: [إذا أدركتموهم فاقتلوهم فإن لمن قتلهم أجراً كبيراً] (رواه البخاري).

على منوال هذا الضال المارق خرجت الفتنة على عثمان رضي الله عنه، تعيب عليه أشياء من الصغائر وهو من هو رضي الله عنه سابقةً وفضلاً وإنفاقاً في سبيل الله وسبقاً إلى الإسلام وجهاداً مع رسوله أنكروا عليه أنه لم يول فلانا وولى فلانا، أو أنه ضرب فلانا أو نفى فلانا ومعلوم أن هذا كله في صلاحية الإمام العام، ولكنهم أخذوا هذه الصغائر وطيروها في كل مكان وأغروا الغوغاء والسفهاء من أهل مصر والشام والعراق والذين لا علم لهم بحقيقة الخليفة ومنزلة ذي النورين رضى الله عنه وأرضاه، وبذلك أججوا الفتنة عليه واستحلوا في النهاية دمه، ووقع بذلك على المسلمين اعظم بلاء في تاريخ الخلافة الراشدة، وهؤلاء المتنطعون الجاهلون أنفسهم هم الذين أرغموا علياً على البيعة ثم انتقضوا عليه لأمور جهلوها من الدين وظنوها مخالفة للقرآن فقد أنكروا على علي بن أبي طالب رضي الله عنه تحريم نساء من حاربوهم في موقعة الجمل، وتحريم استرقاق ذراريهم وأخذ أموالهم حتى قال لهم: كيف أحل لكم نساءهم وهم مسلمون؟ ولو أحللت لكم نساءهم فأيكم يأخذ عائشة في سهمه؟ وكذلك أنكروا عليه رفضه لإيقاف القتال عندما رفع جيش معاوية المصاحف على أسنة الرماح حتى قال له زيد بن خالد الطائي وهو أحد رؤوس الخوارج: "القوم يدعوننا إلى كتاب الله وأنت تدعونا إلى السيف؟ " فقال له علي بن أبي طالب: أنا أعلم بما في كتاب الله .. ولكن هذا الجلف الجاهل رد على أمير المؤمنين رضي الله عنه بقوله "لترجعن الأشتر عن قتال المسلمين وإلا فعلنا بك مثل ما فعلنا بعثمان" فاضطر علي رضي الله عنه إلى رد الأشتر بعد أن هزم الجمع وولوا مدبرين وما بقي إلا شرذمة قليلة فيهم حشاشة قوة" (انظر البداية والنهاية 7/ 273).

وبالرغم من أن الخوارج هم الذين حملوا علياً على قبول التحكيم، والتحاكم إلى القرآن فإنهم عادوا وأنكروا عليه وقالوا له: كيف تحكم الرجال في القرآن؟ لا حكم إلا الله .. فقال علي: كلمة حق أريد بها باطل. ثم أتى بالقرآن أمامهم وقال: يا قرآن احكم بيننا (انظر البداية والنهاية 7/ 276) أي ليس للقرآن لسان حتى يحكم وإنما يحكم الرجال بما عرفوا من كلام الله سبحانه وتعالى. وفي النهاية فارقوه وشقوا جيشه، واستحلوا دم عبدالله بن عبدالله بن حرام عندما حدثهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [ستكون فتنة النائم فيها خير من القاعد فيها، والقاعد فيها خير من القائم فيها والقائم فيها خير من الساعي فيها] (البخاري ومسلم والترمذي وأحمد). ولذلك قاتلهم علي وانتصر عليهم، ولم ينج منهم إلا تسعة أشخاص فقط وكانوا اثني عشر ألفاً انحاز منهم أربعة آلاف إليه وقاتل الباقي. ولكن هؤلاء الذين نجوا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير