تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ذهبوا وألبوا عليه وعلى معاوية وعمرو بن العاص رضي الله عنهم واستحلوا دماءهم جميعا وتمكن مارقهم الأكبر عبد الرحمن بن ملجم من قتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو خارج إلى صلاة الفجر في آخر جمعة من شهر رمضان وكان علي في ذلك الوقت خير من يدب على الأرض وإمام المسلمين، فانظر إلى بشاعة هذه الجريمة وانظر إلى ظن قاتله أنه كان يفعل خيرا ويريد رضوان الله ومرضاته كما قال عمران بن حطا شاعر الخوارج في وقته:

يا ضربة من تقي ما أراد بها إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا

ولكن صدق ابن المبارك الذي رد عليه فقال:

بل ضربة من شقي أوردته لظى وسوف يلقي بها الله غضباناً

وفي الوقت الذي التأمت في الأمة مرة ثانية على معاوية رضي الله عنه قامت قيامة الخوارج وظلوا يشاغلون أمراء الدولة الإسلامية الأموية ويؤججون النار في جنباتها ويصرفونها عن فتح الأمصار، وكثيرا ما كانت جيوش المسلمين تتحول من بلاد الشرك لإخماد فتنتهم التي كانوا يشعلونها كلما سنحت لهم الظروف واستمر حالهم هذا طيلة الدولة العباسية أيضا فكانوا بذلك أعظم شر وبلاء مني به المسلمون. والأفكار الخارجية لم تمت إلى يومنا هذا بل يتناقلها الجهال من الخوارج المعاصرون ممن يقرءون القرآن ولا يفقهون آياته، ويحفظون الحديث لا يدرون معانيه، وما زال المسلمون إلى يومنا هذا يطلع عليهم بين الحين والآخر من يزعم نصر الدين وقول كلمة الحق فيترك أهل الأوثان والشرك و الإباحية والكفر ويعمل قلمه ولسانه في المسلمين بل وجدنا منهم من لا هم إلا مشاغله الدعاة إلى الله والتعرض لهم بالسب والتشهير وتأليف الرسائل في بيان مثالبهم في زعمهم واتهامهم بالمداهنة تارة، والركون إلى الظالمين تارة، وفعل بعض المعاصي تارة، والإفتاء بما يخالف آراءهم تارة ولمثل هذه الأمور التي يرونها مخالفات وما هي بمخالفات يستحلون أعراضهم وينتهكون حرماتهم ويفتشون على أسرارهم ولا يجدون لهم ديناً في الأرض إلا تفريق جماعاتهم وتمزيق وحدتهم وملء صدور الناس بكراهيتهم ومحاولة فض الناس عنهم. وهذا من أكبر الآثام ومن أكبر النواقض لأصل الإيمان الأصيل وهو أصل الولاء، ولو فقه هؤلاء الدين لوجب عليهم محبة إخوانهم في الإسلام والدعاء لهم بظهر الغيب، وشد أزرهم والنصح لهم، وبذل الأمر بالمعروف لهم بالتي هي احسن ولكن الحقد والبغضاء ملأت صدورهم، ونفخ الشيطان في قلوبهم فتراهم يرون أكبر المنكرات فلا يأبهون ويشاهدون أعظم الطواغيت فلا يغضبون ولكنهم يرون الهفوات والصغائر على إخوان العقيدة والدين، و أهل الدعوة والجهاد فتحمر أنوفهم وتزبد أفواههم ويعددون في كل مجلس مخالفتهم.

وأمثال هؤلاء الذين ساروا على درب أسلافهم في المروق من قبل حيث تركوا أهل الأوثان، ونصبوا العداء لأهل الإسلام هم اخطر على المجتمع الإسلامي من المنافق المستتر لأن هؤلاء يظنون أنهم على الحق وانهم يحسنون صنعا، ويتكلمون بالآية والحديث وهم أعظم ستار لأهل النفاق والشر الذين يريدون هدم الإسلام، فالمنافقون يستترون بأمثال هؤلاء الأغرار الذين لا يفقهون حكمة ولا دعوة ويقرأون القرآن دون فهم وتدبر يأخذون منه ما شاءوا دون إن يكون لهم سلف في الترك وإنما بما تمليه عليهم أهواؤهم المريضة، وعصبيتهم البغيضة. وهؤلاء تجدهم يميلون إلى الشدة في كل شيء فالمستحب عندهم واجب، والمباح عندهم إثم ومعصية والرخصة جريمة وتهاون، واللين مداهنة والسكوت عن بعض الحق اتقاء الفتنة عندهم نفاق. وهكذا جعلوا دين الله بلاء على الناس وشرا بل جعلوا دين الله لا يصلح إلا لمن ترك الحياة كلها والمجتمع كله وخرج إلى البراري والقفار يرعى غنيمات وأما الاختلاط بالناس ففتنة عندهم والعمل في الحكومات كفر ومعصية، والتعلم في المدارس جريمة واستعمال النقود إثم لان عليها صورة. والسفر إلى بلاد الكفار جريمة عندهم ما بعدها جريمة. وويل لك ثم ويل إن حملت جواز سفر أو رخصة قيادة لأن ذلك إثم ومعصية إذ كيف تحمل صنما في جيبك؟ والتلفزيون رجس من عمل الشيطان لأن فيه أصنام .. انظر، والصحيفة أشد لعنة من التلفزيون لأن فيها أصناما كذلك وويل لك ثم ويل إن تعلمت الجغرافيا والفيزياء والكيمياء لأنها من علوم الكفار وفي دين هؤلاء يجب عليك أن تنتظر الدجال ولا تأخذ عدة الحرب العصرية لقتال كفار زماننا بمثل سلاحهم، لأن التوصل إلى

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير