· بعض قوانين الأحوال الشخصية أضافت شروطاً أخرى مثل أن حق الولي في فسخ عقد الزواج إذا زوجت المرأة نفسها من غير كفئ يسري لمدة سنه من تاريخ علمه بالزواج ويسقط حقه أيضاً بالحمل أو الولادة " المادة (24) و (32) / سوداني و (29) من مشروع القانون الموحّد المصري والسوري.
* * *
خُلاصة الأحكام المأخوذة من هذا القانون – علماً بأن بعض الدول العربية استندت إلى هذا القانون نصاً وحرفاً في كثير من تشريعاتها الخاصة بالأحوال الشخصية – هذه الأحكام في مجموعها تنتهي إلى الآتي:
1. عقد الزواج يُمكن أن ينعقد بعبارة المرأة مباشرة وان " الأنوثة " ليست مانعاً من موانع مباشرة العقود. لكن المرأة عادة لا تغشَ مجالس الرجال وتستحي أن تلي عقد نكاحها بنفسها، لذلك جرت العادة أن ينوب عنها الولي. ولها أن توكل غيره كما جاء في نص المادة (20).أما إذا كان العرف يسمح بذلك كما هو جارٍ بين المسلمات في دول الغرب وجنوب شرق آسيا فإن العقد ينعقد صحيحاً.
تنبيه: {فرق بين أن تلي المرأة عقد زواجها بنفسها وبين أن تلي هي عقد زواج غيرها بمعنى أن تكون ولياً عليها لأن ولاية الزواج لاتكون إلا للعصبة إجماعا. ومن هاهنا امتنع على النساء ولاية القضاء ولا يعد ذلك نقصاً من قدرهن.}
2. الولي – وهو العاصب حسب ترتيب الإرث – يُشارك المرأة في اختيارها لأن الزواج يترتب عليه مُصاهرة ونسب فإن وضعت المرأة نفسها في غير كفئ لحقت النقيصة بذويها أيضاً ولذلك وصف الفقهاء العقد الذي تباشره المرأة دون مشورة الولي بأنه {فاسد}.
والفساد في مصطلح الفقه غير البُطلان – فالعقد الفاسد إن تبعهُ دخول وجب المهر وثبت النسب وحُرمة المُصاهرة ووجبت العدة. أما الباطل فإن الدخول فيهِ جريمة توجب عقوبة ْ حد الزنا.
1. العقد الفاسد – أي الذي اختل أحد شروط صحتهِ – كغيبة الولي - يكون للولي الحق في فسخهِ ما لم تحمل الزوجة أو تلد أو يمضِ عامٌ كامل على علمهِ بزواجها.
مما سبق يتضح أن الزواج العرفي ببعده الحديث لم يخرجْ عن دائرة الاجتهادات الفقهية وإنما هو من قبيل الأخذ بالرُّخص في زمنٍ طغت فيهِ الشهوات وخرجت النساء كاسياتٍ عاريات وغزت الفضائيات الممعنة في المجون والإباحية العارية والمتحللة تماماً من قيد الدين والأخلاق غزت الصالات النسائية وغرف النوم ومجالس الشباب وصار الوقوع في الفواحش أسهل بكثير من تكاليف الزواج مهما خفت مؤونته.
* * *
الناس الذين ينفرون من (الزواج العرفي) مغيبون عن حقيقته الشرعية .. مأخوذون بالمظاهر الرتيبة التي اعتادوا عليها من خطبة وهدايا وكروت مفخمة و فساتين مذيلة ومذهبة وحفلات الفنادق .. وعامتهم رجالاً ونساءً يعدّون هذه الطقوس كأنها من أركان العقد أو شروط صحتهِ إن انتقصَ منها شيءٌ صار زواج معيباً وسبّة في تاريخهم، فكيف إن تم على الصورة التي رسمناها من واقع القوانين الشرعية؟! إذن تكون الفتاة مارقة والزواج جريمة ..
رُبّ قائل: إن القوانين تختلف باختلاف الدول وما صحَ في دولةٍ قد يُبطل في أخرى – وهذا صحيح -.فالقضاة – الموقرون – في دولة الإمارات مثلاً يأخذون الأحكام من الفقهِ المالكي والمشهور فيهِ أن (الولي) ركنٌ في عقد الزواج يُبطل العقد بدونهِ، وحتى مشروع قانون الأحوال الشخصية – الذي لا زال قيد التداول – نصَ في المادة (39) على بُطلان العقد بغير الولي – لكن هذا (الإشكال) وجدَ حلاً من الفقهاء – أعني فقهاء المذهب المالكي – فنصّوا على أن الحُكم الذي يصدر وفقاً لمذهبٍ آخر لا يجوز للقاضي – المالكي – أن ينقضه لأن الفقه الاجتهادي لا ينتقض باجتهاد مثله كما هو مقررٌ في الأصول وذلك لضمان استقرار المُعاملات بين الناس.
نحن لا ندعوا إلى الإنفلاتِ من الأعراف المرعيّة ولا التمرّد على توجيهات أولياء الأمور الأسرية. فأولياء الأمور تتسم توصياتهم دوماً بالأصالة مع توفر الشفقة .. ويحرصون على تأمين المستقبل لأجيالهم .. لكن القراءة المتأنية للحاضر مع استشراف المستقبل القريب تؤكد أنّ عولمة المجتمعات العربية والإسلامية آتيةٌ لا مُحالة .. وتكريس الغزو الثقافي على النمط الغربي آخذٌ في الإزدياد طوعاً أو كرهاً. وكما قال أحد القادة العرب في مقالة صحفية " يحسن أن نحلق رؤسنا قبلَ أن تُحلق ". يقصد إجراء تعديل في الأوضاع السياسية ..
¥