إن جادل بعض المؤرخين عن نسب بني عبيد فلن يجادلوا عن معتقداتهم ومذهبهم حيث اشتهر عنهم معتقدات باطلة مثل: ادعاء علم الغيب، وادعاء النبوة والألوهية، وطلب السجود من رعاياهم وأتباعهم، وسب الصحابة. وكثرة الإنفاق على الاحتفالات المبتدعة والتي أرجعها أحد المؤرخين: «لإلهاء الرعية من أهل السنة عن أمور السياسة، ومايقال من الطعن في نسبهم وأحقيتهم في الخلافة». ([42]) ولم أتطرق إلى جوانب الخلاف الفقهي لأن الخلاف في الفقه سهل ويسير، ويتسع المجال لذلك حسب فهم الأدلة الشرعية.
v ذكر الإمام الذهبي في كثير من مؤلفاته أن بني عبيد يدعون الألوهية والربوبية فعندما أراد أبو يزيد مخلد بن كيداد الخارجي ([43]) حرب بني عبيد لم يتردد العلماء في المسير معه فـ: «تسارع الفقهاء والعباد في أهبة كاملة بالطبول والبنود وخطبهم في الجمعة أحمد ابن أبي الوليد وحرضهم وقال: جاهدوا من كفر بالله وزعم أنه رب من دون الله، ... وقال: اللهم إن هذا القرمطي الكافر المعروف بابن عبيد الله المدعي الربوبية جاحد لنعمتك كافر بربوبيتك طاعن على رسلك مكذب بمحمد نبيك سافك للدماء فالعنه لعنا وبيلا وأخزه خزيا طويلا واغضب عليه بكرة وأصيلا. ثم نزل فصلى بهم الجمعة». ([44])
وقيل في سنة تسع وتسعين ومائتين: إن عبيدالله المهدي الزنديق سمح لأتباعه أن يغرقوا في كفرهم حتى ألَّهوه فقد كانت أيمانهم المغلظة: «وحق عالم الغيب والشهادة، مولانا الذي برقادة». ([45])
كان بعض دعاة بني عبيد يقول عن المهدي هو الخالق الرازق. ([46])
قال الشاعر القيرواني أبو القاسم الغماري ت345هـ عن بني عبيد ([47]):
نالُوا بهم سبب النجاة عُموما
عبدوا ملوكَهُمُ، وظنُّوا أنّهم
قال الذهبي: «و في سنة ستين وثلاث مئة، وجد بالسُّوق قماش قد نُسِجَ فيه: المُعِزُّ عَزَّ وجَلَّ، فأُحضر النَّسَّاج إلى جوهر، فأنكر ذلك، وصُلِبَ النَّساجُ ثم أُطلق». ([48])
ورد في مخطوط ”عقيدة الإسماعيلية“ الذي نشره المستشرق جويار عن تأليه المعز لدين الله. ([49])
وقال حسن إبراهيم حسن: «وقد بالغ ابن هانيء في غلوه فنسب لمولاه (المعز) بعض صفات النبوة والألوهية وبهذا مهد السبيل لمن جاء بعده من الشعراء. يدل على ذلك القصيدة الطويلة التي أنشدها في حضرة المعز والتي منها:
ولعلة ماكانت الأشياءُ
تجري بأمرك والرياح رخاء
أقدارُ واستحيت لك الأنواء
في راحتيك يدور حيث تشاء
هو علة الدنيا ومن خُلقت له
ولك الجواري المنشآتُ مواخر
فَعَنَتْ لك الأبصارُ وانقادت لك الـ
لاتسألن عن الزمان فإنه
وقال: «ولم يفتر ابن هانيء عن مواصلة مدحه للمعز؛ ولكنا نراه يُغرق فيجعله في منزلة عيسى ومحمد، بل ينسب إليه بعض صفات الألوهية، كما يتضح ذلك في قصيدة أخرى حيث يقول:
غفارَ موبقة الذنوب صفوحا
لدعيتَ من بعد المسيح مسيحا
وتنزَّل القرآن فيك مسيحا
ندعوه منتقماً عزيزاً قادراً
أقسمتُ لولا أن دعيتَ خليفةً
شهدتْ بمفخرك السموات العلى
وفي قصيدة أخرى يبالغ ابن هانيء في مدح المعز فيشبهه بالخالق سبحانه وبالنبي r. ويشبه أشياعه بأنصار النبي حيث يقول ([50]):
فاحكم فأنت الواحد القهار
وكأنما أنصارك الأنصار
حقاً وتَخْمُدُ ان تراه النار
ماشئت لا ماشاءت الأقدار
وكأنما أنت النبيُّ محمدٌ
هذا الذي تُجدي شفاعته غداً
وممن كان يدعي الربوبية والإلهية الحاكم العبيدي حيث قال عنه الذهبي: «الإسماعيلي الزنديق المدعي الربوبية». ([51])
وقال عنه أيضا: «يقال إنه أراد أن يدّعي الإلهية، وشرع في ذلك فكلّمه أعيان دولته وخوَّفوه بخروج النّاس كلهم عليه، فانتهى». ([52])
وممن حرض الحاكم على هذا الادعاء حمزة بن علي قال الذهبي: «وقد قُتل الدرزي الزنديق لادعائه ربوبية الحاكم. وكان قوم من جهلة الغوغاء إذا رأوا الحاكم يقولون يا واحد يا أحد يا محيي يا مميت». ([53])
ومما جاء في محضر بغداد الذي عقد سنة 402هـ: وأن هذا الناجم بمصر وسلفه… وادعوا الربوبية. ([54])
ومما ورد في المحضر أيضاً: وأن هذا الناجم بمصر هو وسيلة كفار وفساق فجار زنادقة. ولمذهب الثنوية والمجوسية معتقدون، قد عطلوا الحدود، وأباحوا الفروج، وسفكوا الدماء، وسبوا الأنبياء، ولعنوا السلف، وادعوا الربوبية». ([55])
¥