تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال حسن إبراهيم حسن: وعقيدة تأليه الحاكم أثارت سخط الأهلين وأمثالها، إذا كان لايزال هناك كثيرون يناوئون سياسة الفاطميين، فقد كتب أحد الشعراء بيتين من الشعر في ورقة على المنبر، فوقعت في يد العزيز وقرأها فإذا فيها ([56]):

وليس بالكفر والحماقة

فقل لنا كاتبَ البطاقة

بالظلم والجور قد رضينا

إن كنت أُعطيتَ علمَ غيبٍ

قال الذهبي: «قرأت في تاريخ صُنِّف على السنين في مجلد صنفه بعض الفُضَلاء سنة بضع وثلاثين وستمائة، قدمه لصاحب مصر الملك الصالح: في سنة سبع وستين قال: وكانت الفِعْلة (القضاء على الدولة العبيدية) من أشرف أفعاله (صلاح الدين)، فَلَنِعْمَ مافعل، فإنّ هؤلاء كانوا باطنية زنادقة، دعوا إلى مذهب التناسخ، واعتقاد حلول الجزء الإلهي في أشباحهم.

وقال الذهبي: أن الحاكم قال لداعيه: كم في جريدتك؟

قال: ستة عشر ألفاً يعتقدون أنّك الإله.

قال شاعرهم:

فاحكم فأنت الواحد القهار

ماشئت لا ماشاءت الأقدار

فلعن الله المادح والممدوح، فليس هذا في القبح إلا كقول فرعون أنا ربكم الأعلى.

وقال بعض شُعرائهم في المهديّ برَقّادة:

حل بها آدمُ ونوحُ

فما سوى الله فهو ريحُ

حلّ برقادة المسيحُ

حل بها الله في عُلاهُ

قال: وهذا أعظم كُفراً من النّصارى، لأن النّصارى يزعمون أن الجزء الإلهيّ حلّ بناسوت عيسى فقط، وهؤلاء يعتقدون حُلُوله في جسد آدم ونوح والأنبياء وجميع الأئمة.

هذا اعتقادهم لعنهم الله». ([57])

v ومع ادعائهم الربوبية والألوهية كانوا يدعون النبوة أيضاً: حتى عوتب بعض العلماء في الخروج مع أبي يزيد الخارجي فقال: وكيف لا أخرج وقد سمعت الكفر بأذني، حضرت عقداً فيه جمع من سنة ومشارقة وفيهم أبو قضاعة الداعي فجاء رئيس فقال كبير منهم: إلى هنا يا سيدي ارتفع إلى جانب رسول الله يعني أبا قضاعة فما نطق أحد. ([58])

وكان بعض دعاة بني عبيد يقول عن المهدي: هو رسول الله. ([59]) ويُرْمىَ عبيدالله بأنه قتل جماعة من العلماء السنيين لم يعترفوا بأنه رسول الله. ([60])

فعندما ادعى عبيدالله الرسالة أحضر فقيهين من فقهاء القيروان وهو جالس على كرسي ملكه وأوعز إلى أحد خدمه فقال للشيخين: أتشهدا أن هذا رسول الله؟ فقالا: والله لو جاءنا هذا والشمس عن يمينه والقمر عن يساره يقولان: إنه رسول الله، ماقلنا ذلك. فأمر بذبحهما. ([61])

وكان عبيدالله المهدي يسخر من النبي r ومن موسى u - في رسالة بعثها إلى داعيه أبي طاهر القرمطي-فيقول: ولاتكن كصاحب الأمة المنكوسة حين سألوه عن الروح فقال: «الروح من أمر ربي» لما لم يعلم ولم يحضره جواب المسألة، ولاتكن كموسى في دعواه التي لم يكن له عليها برهان سوى المخرقة بحسن الحيلة والشعبذة. ([62])

وكان لعن الأنبياء من شعائرهم فقد ذكر القاضي عبد الجبار المتكلم: أن القائم أظهر سب الأنبياء وكان مناديه يصيح العنوا الغار وما حوى. ([63]) وذكر الهمذاني أيضا أن القائم جاهر بشتم الأنبياء وكان يلعنهم جميعاً. ([64])

كما ذكر بعض أهل التاريخ: أن المعز أراد ادعاء النبوة ولكنه خاف من الرعية فقد ذكر الخبر ابن عذاري أنه وقع في المغرب حيث أذن مؤذنه فوق صومعة جامع القيروان بـ: أشهد أن معداً رسول الله فارتج البلد لذلك. ([65])

أما صاحب الاعتصام ([66]) فيذكر أن معداً من العبيدية الذين ملكوا إفريقية، فقد حكى عنه أَنه جعل المؤذن يقول: أشهد أن معدًا رسول الله، عوضا عن كلمة الحق ((أشهد أن محمداً رسول الله)) فهم المسلمون بقتله ثم رفعوه إلى معد ليروا هل هذا عن أمره؟ فلما انتهى كلامهم إليه، قال: «أردد عليهم أَذانهم لعنهم الله».

v ومن عقائدهم ادعاء علم الغيب ورد في حوار بين أبي عبدالله الشيعي وبين قبيلة كتامة أنه قال لهم: «أن تَدِينوا بإمامٍ معصوم يعلم الغيب». ([67])

قال ابن خَلكان: «وذلك لأنهم ادَّعوا علم المغيبات. ولهم في ذلك أخبار مشهورة». ([68])

v و كان يُسجد لهم و يأمرون الناس بالسجود لهم، قال الذهبي: «ففي سنة 396هـ خطب بالحرمين لصاحب مصر الحاكم، وأُمَر الناس عند ذكره بالقيام وأن يسجدوا له، فإنا لله وإنا إليه راجعون». ([69])

وكان إذا ذُكِر (الحاكم) «قاموا وسجدوا في السُّوق، وفي مواضع الاجتماع، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون، فلقد كان هؤلاء العُبَيْدِيُّون شرّاً على الإسلام وأهله من الشرّ». ([70])

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير