[موقف عظيم من امام عظيم]
ـ[فريد أبوقرة]ــــــــ[03 - 05 - 04, 05:33 م]ـ
"موقف عظيم من إمام عظيم"
الحمد لله؛ و بعد
فان مما يزين مجالس أهل الفضل, و يحلي منتديات طلاب العلم؛ أن يكون الحديث موصولا عن سير العلماء و الصالحين, من السالفين و المعاصرين؛ استخلاصا للعبر و استنباطا للدروس, و من ذلك الحديث عن علم من أعلام الأمة في هذا العصر و هو سماحة الشيخ العلامة المحدث إمام أهل السنة في زمانه الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز-قدس الله روحه و نور ضريحه-.
"ذلك الإمام الذي قل أن يوجد له نظير، و الذي قل أن تند عنه خصلة من خصال الخير؛ فلقد جمع الله له من حميد الخلال، و كريم الخصال ما لم يجمع لغيره إلا في القليل النادر على مر الزمان.
ماذا يقول الواصفون له و صفاته جلت عن الحصر
علم في حلم، و حزم في عزم، و تواضع في شمم، و غيرة على الحق لا تكفكفها رغبة في مدح، أو حذر من ذم، و وضاءة أخلاق في متانة دين، و براعة بيان في صدق يقين، و عزة نفس في سخاوة طبع." (1)
و سماحة الشيخ -رحمه الله-"قد أوتي أخلاقا حسنة تحبب الطلاب إليه،و تعطفهم عليه،من سعة حلمه و انشراح صدره،و لين جانبه، و حسن لفظه، و حلاوة قوله". (2)
و من أشهر أخلاقه،و أظهر شمائله؛ التواضع و كراهية المديح،فما ارتفع شأنه بين الناس و لا انتشر صيته في البلدان إلا لأخلاقه الحميدة و خصاله الكريمة؛ وهذا مصداقا للحديث الذي جاء فيه" وما تواضع عبد إلا رفعه الله" (3)،و قد كان"التواضع، و خفض الجناح للمؤمنين،من جبلته الفطرية، و صفاته الخلقية، و من فضل الله تعالى عليه أنه لا يعرف الكبر إليه طريقا، و لا الغرور و التكبر سبيلا،قد تربى و تزكى بأدب القرآن، و هدى محمد-صلى الله عليه و سلم-الذي هو خير الهدي،و أجمل الأدب. و التواضع الواقع من ذوي الجاه الكبير، و المنزلة الرفيعة، محمدة خاصة، و منقبة شريفة، لتوافر أسباب التميز بين الخلق، و الشعور بالعلو". (4)
ثم إن صور تواضعه كثيرة غير محصورة، و ما كتب عنه إلا قليل من كثير، و غيض من فيض، منها"كراهيته للمديح مع أنه مستحق لذلك و أهل له. و لهذا إذا كتب له بعض الناس رسالة، و شرع بمدح الشيخ بما هو أهله جعل سماحة الشيخ يتململ، و يتحرك، و يقول الله المستعان، الله يعاملنا بالعفو، اترك هذا الكلام، اقرأ المقصود، ماذا يريد؟
بل كان -رحمه الله-يبدي امتعاضه، و إنكاره لبعض ما يقال فيه، و ربما حرر ذلك كتابة. و مما يذكر في هذا الصدد أن صاحب الفضيلة الشيخ الدكتور محمد تقي الدين الهلالي المغربي-رحمه الله-و هو يكبر سماحة الشيخ بسنوات-قال قصيدة طويلة ماتعة في سماحة الشيخ-رحمه الله-.و بعد أن نشرت تلك القصيدة في مجلة "الجامعة السلفية"قي الهند كتب سماحته تعقيبا على تلك القصيدة مبديا تكدره و امتعاضه." (5)
و قد جاء في قصيدة الشيخ العلامة السلفي الدكتور الهلالي-رحمه الله- (ت1407هجري) و التي كتبها في أول شهر شعبان 1397هجري, قوله في مطلعها
خليلي عوجا بي لنغتنم الأجرا على آل باز إنهم بالعلى أحرى
فما منهمو إلا كريم و ماجد تراه إذا ما زرته في الندى بحرا
فعالمهم جلى بعلم و حكمة و فارسهم أولى عداة الهدى قهرا
ثم قال -رحمه الله-
إمام الهدى عبد العزيز الذي بدا بعلم و أخلاق أمام الورى بدرا
تراه إذا ما جئته متهللا ينيلك ترحيبا و يمنحك البشرى
و أما قرى الأضياف فهو إمامه فحاتم لم يترك له في الورى ذكرا
و قال فيها أيضا
و زهده في الدنيا لو أن ابن ادهم رآه ارتأى فيه المشقة و العسرى
إلى آخر تلك القصيدة الرائية. (6)
فما كان من سماحة الشيخ ابن باز-رحمه الله-إلا أن يرسل تعقيبا إلى المجلة في 23/ 3/1398هجري، جاء فيه
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم فضيلة الشيخ عبد الوحيد الرحماني مدير مجلة الجامعة السلفية في بنارس-وفقه الله للخير آمين.
سلام عليكم و رحمة الله و بركاته، أما بعد
فقد اطلعت على قصيدة نشرت في العدد التاسع من مجلتكم لفضيلة الدكتور تقي الدين الهلالي تتضمن الغلو في المدح لي، و لعموم قبيلتي، و قد كدرتني كثيرا، فرأيت أن أكتب تنبيها للقراء، باستنكاري لذلك و عدم رضائي به .. " (7)
و إليكم نص ذلك التنبيه
¥