"الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على اله و أصحابه. أما بعد فقد اطلعت على قصيدة نشرت في العدد التاسع من مجلة الجامعة السلفية في بنارس-الهند-لفضيلة الدكتور تقي الدين الهلالي، و قد كدرتني كثيرا، و أسفت أن تصدر من مثله، و ذلك لما تضمنته من الغلو في المدح لي و لعموم قبيلتي، و تنقصه للزاهد المشهور إبراهيم بن ادهم-رحمه الله-و تفضيلي عليه في الزهد، و على حاتم في الكرم، و تسويتي بشريح في القضاء إلى غير ذلك من المدح المذموم الذي أمر الرسول-صلى الله عليه و سلم-بحثي التراب في وجوه من يستعمله (8).و إني أبرأ إلى الله من الرضا بذلك، و يعلم الله كراهيتي له، و امتعاضي من تلك القصيدة لما سمعت فيها ما سمعت. و إني أنصح فضيلته من العودة إلى مثل ذلك، وأن يستغفر الله مما صدر منه، و نسال الله أن يحفظنا و إياه و سائر إخواننا من زلات اللسان، و وساوس الشيطان، وأن يعاملنا جميعا بعفوه، و رحمته، و أن يختم للجميع بالخاتمة الحسنة؛ انه خير مسؤول.
و لإعلان الحقيقة و إشعار من اطلع على ذلك بعدم رضائي بالمدح المذكور جرى نشره، و صلى الله و سلم على نبينا محمد و اله و صحبه، و من اهتدى بهداه إلى يوم الدين" (9)
هذا؛ و قد سقت الكلام بطوله لأهميته، و لبيان موقف علماء السنة-قديما و حديثا-من مدحهم و الغلو فيهم.
و كما بدأنا بالحديث عن أخلاق سماحة الشيخ -رحمه الله- نختم المقال بمثل ذلك؛فشيخ الإسلام ابن باز-عليه من الله الرحمة و الرضوان-"زكى نفسه بأطيب الصفات و أزكاها، و رباها على أجمل الأخلاق و أعلاها، فكان من أحاسن الناس أخلاقا الذين يألفون و يؤلفون، أجملهم سمتا، و خيارهم سلوكا، و أصدقهم معاملة و عملا. قد بلغ في الصبر و التحمل عجبا، يقوم بما يعجز عنه المبصرون الأشداء، و بلغ في الحلم و الأناة و الروية و بعد النظر منزلة يعجب منها الناس، مع كثرة الأعمال المنوطة به، و ضخامة المسؤوليات المكلف بها. و يستقبل الناس بصدر رحب، و نفس منشرحة، و مودة غامرة، و لا يغضب لأمر دنيوي، أو مقصد مادي، أو لحق شخصي، بل يتنازل عن حقه-رحمه الله-.و إذا غضب ذكر الله تعالى و استعاذ من الشيطان، و إذا خاصمه أحد بغير حق ذكره الله و أمره بذكره بقوله سبح، سبح. و كان لا يغضب إلا نادرا، و لا يغضب إلا لأمر شرعي حين تنتهك حرمات الله، اقتداء بهدي النبي-صلى الله عليه و سلم-.و إذا غضب يوما لأمر ساءه فانه رجاع إلى الحق، أواب إلى الرب عز و جل، و من صفاته الايجابية في التعامل مع الخلق؛ الرفق،و اللين، و الإحسان إلى الناس و الكرم، و هي خصال شريفة نال قصب السبق فيها، و صار قدوة لمريد الشرف في مسالكها. رحمه الله رحمة واسعة، و أسكنه فسيح جناته، و جعل في خلفه و إخوانه من العلماء و الدعاة خلفا مباركا، و أفاض سبحانه على هذه البلاد و أهلها الأمن و الرزق و أورثها العاقبة الحسنة في الدنيا و الآخرة، و صلى الله و سلم و بارك على نبينا محمد و اله و صحبه." (10)
و كتب/ فريد أبوقرة-كان الله له-.
الجزائر؛13ربيع الاول1425هجري/الموافق3ماي2004م
(1) "جوانب من سيرة الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله"إعداد/محمد بن إبراهيم الحمد (ص4).
(2) "علامة الأمة؛الأمة ابن باز-دراسة في المنهج و العمل-"بقلم/سليمان بن عبد الله الطريم (ص51).
(3) رواه مسلم و الترمذي من حديث أبي هريرة-رصي الله عنه-.
(4) المصدر السابق (ص38).
(5) "جوانب من سيرة الإمام" (ص142).
(6) أنظرها-غير مأمور-في الصدر السابق (ص142 - 144) , وهي في47 بيتا.
(7) المصدر السابق (ص145).
(8) رواه مسلم من حديث المقداد-رضي الله عنه-.
(9) المصدر السابق (ص145 - 146).
(10) "علامة الأمة؛ الأمة ابن باز" (ص117 - 118).
ـ[آل حسين]ــــــــ[03 - 05 - 04, 08:06 م]ـ
السلام عليكم
جزاك الله خيراً ياأخي والحقيقة إن سيرة رجل مثل إمام أهل السنة والجماعة ابن باز تحتاج تأمل من كل طالب علم والله الموفق