تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال ابن القيم: فلا يخلو إما أن يكون كل واحد من هذه الخصال هو الذي سلكهم في سقر وجعلهم من المجرمين أو مجموعها فإن كان كل واحد منها مستقلا بذلك فالدلالة ظاهرة وإن كان مجموع الأمور الأربعة فهذا إنما هو لتغليظ كفرهم وعقوبتهم وإلا فكل واحد منها مقتض للعقوبة إذ لا يجوز أن يضم ما لا تأثير له في العقوبة إلى ما هو مستقل بها، ومن المعلوم أن ترك الصلاة وما ذكر معه ليس شرطا في العقوبة على التكذيب بيوم الدين بل هو وحده كاف في العقوبة فدل على أن كل وصف ذكر معه كذلك إذ لا يمكن لقائل أن يقول لا يعذب إلا من جمع هذه الأوصاف الأربعة فإذا كان كل واحد منها موجبا للإجرام وقد جعل الله سبحانه المجرمين ضد المسلمين كان تارك الصلاة من المجرمين السالكين في سقر وقد قال ((إن المجرمين في ضلال وسعر يوم يسحبون في النار على وجهم ذوقوا مس سقر)) وقال تعالى ((إن الذين أجرموا كانوا من الذين أمنوا يضحكون)) فجعل المجرمين ضد المؤمنين المسلمين.

5ـ قال تعالى ((وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَأتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)) (56 النور)

قال ابن القيم: فوجه الدلالة أنه سبحانه علق حصول الرحمة لهم بفعل هذه الأمور فلو كان ترك الصلاة لا يوجب تكفيرهم وخلودهم في النار لكانوا مرحومين بدون فعل الصلاة والرب تعالى إنما جعلهم على رجاء الرحمة إذا فعلوها

6ـ قال تعالى ((فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا، إِلا مَنْ تَابَ وَأمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شيئًا)) (59 - 60 مريم).

قال الطبري: يقول تعالى ذكره: فحدث من بعد هؤلاء الذين ذكرت من الأنبياء الذين أنعمت عليهم, ووصفت صفتهم في هذه السورة, خلف سوء خلفوهم في الأرض أضاعوا الصلاة.

ثم اختلف أهل التأويل في صفة إضاعتهم الصلاة

القول الأول: قال بعضهم: كانت إضاعتها تأخيرهم إياها عن مواقيتها , وتضييعهم أوقاتها، ذكر من قال ذلك:

ـ عن القاسم بن مخيمرة في قوله (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة) قال: إنما أضاعوا المواقيت, ولو كان تركا كان كفرا.

ـ وعنه قال: أضاعوا المواقيت , ولو تركوها لصاروا بتركها كفارا.

ـ قال عمر بن عبدالعزيز: لم يكن إضاعتهم تركها, ولكن أضاعوا الوقت.

ـ عن ابن مسعود, أنه قيل له: إن الله يكثر ذكر الصلاة في القرآن (الذين هم عن صلاتهم ساهون) و (على صلاتهم دائمون) و (على صلاتهم يحافظون)، فقال ابن مسعود: على مواقيتها , قالوا: ما كنا نوى ذلك إلا على الترك , قال: ذاك الكفر.

ـ قال مسروق: لا يحافظ أحد على الصلوات الخمس , فيكتب من الغافلين , وفي إفراطهن الهلكة , وإفراطهن: إضاعتهن عن وقتهن.

القول الثاني: قال آخرون: بل كانت إضاعتها: تركها، ذكر من قال ذلك:

ـ عن القرظي, أنه قال في هذه الآية (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة) يقول: تركوا الصلاة.

ـ قال أبو جعفر: وأولى التأويلين في ذلك عندي بتأويل الآية, قول من قال: إضاعتها تركهم إياها لدلالة قول الله تعالى ذكره بعده على أن ذلك كذلك , وذلك قوله جل ثناؤه (إلا من تاب وآمن وعمل صالحا) فلو كان الذين وصفهم بأنهم ضيعوها مؤمنين لم يستثن منهم من آمن وهم مؤمنون، ولكنهم كانوا كفارا لا يعملون لله, ولا يؤدون له فريضة فسقة قد آثروا شهوات أنفسهم على طاعة الله, وقد قيل: إن الذين وصفهم الله بهذه الصفة قوم من هذه الأمة يكونون في آخر الزمان.

القول في تأويل قوله تعالى إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا)

يقول تعالى ذكره: فسوف يلقى هؤلاء الخلف السوء الذين وصف صفتهم غيًا , إلا الذين تابوا فراجعوا أمرا الله , والإيمان به وبرسوله.

(وعمل صالحا) يقول: وأطاع الله فيما أمره ونهاه عنه , وأدى فرائضه , واجتنب محارمه فأولئك يدخلون الجنة

يقول: فإن أولئك منهم خاصة يدخلون الجنة دون من هلك منهم على كفره , وإضاعته الصلاة واتباعه الشهوات.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير