قال في تحفة الأحوذي: قَوْلُهُ (الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ) قيل الْمُنَافِقِينَ، وقيل بل هو عام.
(الصَّلاةُ): أَيْ هُوَ الصَّلاةُ بِمَعْنَى أَنَّهَا الْمُوجِبَةُ لِحَقْنِ دِمَائِهِمْ كَالْعَهْدِ فِي حَقِّ الْمُعَاهَدِينَ.
(فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ): أَيْ فَإِذَا تَرَكُوهَا بَرِئَتْ مِنْهُمْ الذِّمَّةُ وَدَخَلُوا فِي حُكْمِ الْكُفَّارِ نُقَاتِلُهُمْ كَمَا نُقَاتِلُ مَنْ لا عَهْدَ لَهُ.
5ـ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ((لَيْسَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالشِّرْكِ إِلا تَرْكُ الصَّلاةِ فَإِذَا تَرَكَهَا فَقَدْ أَشْرَكَ)) [7]
6ـ عن ثوبان رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول ((بين العبد وبين الكفر والإيمان الصلاة، فإذا تركها فقد أشرك)) [8].
7ـ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ ذَكَرَ الصَّلاةَ يَوْمًا فَقَالَ: ((مَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا كَانَتْ لَهُ نُورًا، وَبُرْهَانًا، وَنَجَاةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نُورٌ وَلا بُرْهَانٌ وَلا نَجَاةٌ، وَكَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ قَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَأُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ)) [9]
فكونه يحشر مع أئمة الكفر أنه مثلهم
قال ابن القيم: وإنما خص هؤلاء الأربعة بالذكر لأنهم من رؤوس الكفرة، وفيه نكتة بديعة وهو أن تارك المحافظة على الصلاة إما أن يشغله ماله أو ملكه أو رياسته أو تجارته، فمن شغله عنها ماله فهو مع قارون، ومن شغله عنها ملكه فهو مع فرعون، ومن شغله عنها رياسة ووزارة فهو مع هامان، ومن شغله عنها تجارته فهو مع أبي بن خلف.
8ـ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: ((أَوْصَانِي خَلِيلِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئًا وَإِنْ قُطِّعْتَ وَحُرِّقْتَ، وَلا تَتْرُكْ صَلاةً مَكْتُوبَةً مُتَعَمِّدًا، فَمَنْ تَرَكَهَا مُتَعَمِّدًا فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ، وَلا تَشْرَبْ الْخَمْرَ فَإِنَّهَا مِفْتَاحُ كُلِّ شَرٍّ)) [10].
قال ابن القيم: قال سفيان الثوري ومالك وأحمد في إحدى الروايات يقتل بترك صلاة واحدة وهو ظاهر مذهب الشافعي وأحمد وحجة هذا القول الأحاديث الدالة على قتل تارك الصلاة، ولحديث أبي الدرداء هذا، ولأنه إذا دعي إلى فعلها في وقتها فقال لا أصلي ولا عذر له فقد ظهر إصراره فتعين إيجاب قتله وإهدار دمه
9ـ عن معاذ بن جبل رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: ((أتى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجلٌ فقال: يا رسول الله علمني عملاً إذ أنا عملته دخلت الجنة، فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا تشرك بالله شيئًا وإن عُذبتَ وحُرقتَ، أطع والديك وإن أخرجاك من مالك، ومن كل شيء هو لك، ولا تترك الصلاة متعمدًا، فإن من ترك الصلاة متعمدًا فقد برئت منه ذمة الله)) [11].
10ـ عَنْ أُمِّ أَيْمَنَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ((لا تَتْرُكْ الصَّلاةَ مُتَعَمِّدًا، فَإِنَّهُ مَنْ تَرَكَ الصَّلاةَ مُتَعَمِّدًا فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ)) [12].
11ـ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((لَيُنْقَضَنَّ عُرَى الإِسْلامِ عُرْوَةً عُرْوَةً فَكُلَّمَا انْتَقَضَتْ عُرْوَةٌ تَشَبَّثَ النَّاسُ بِالَّتِي تَلِيهَا وَأَوَّلُهُنَّ نَقْضًا الْحُكْمُ وَآخِرُهُنَّ الصَّلاةُ)) [13].
ووجه الاستدلال أن الصلاة هي آخر ما يذهب من الدين، فمن ترك الصلاة دل ذلك على ذهاب دينه.
¥