قال ابن القيم: قال الإمام أحمد: وقد جاء في الحديث لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة وقد كان عمر بن الخطاب رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يكتب إلى الآفاق: ((إن أهم أموركم عندي الصلاة، فمن حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، ولاحظ في الإسلام لمن ترك الصلاة)) فكل مستخف بالصلاة مستهين بها فهو مستخف بالإسلام مستهين به وإنما حظهم من الإسلام على قدر حظهم من الصلاة ورغبتهم في الإسلام على القادر رغبتهم في الصلاة، فاعرف نفسك يا عبدالله واحذر أن تلقي الله ولا قدر للإسلام عندك فإن قدر الإسلام في قلبك كقدر الصلاة في قلبك، وقد جاء الحديث عن النبي أنه قال ((الصلاة عمود الدين)) ألست تعلم أن الفسطاط إذا سقط عموده سقط الفسطاط ولم ينتفع بالطنب ولا بالأوتاد وإذا قام عمود الفسطاط انتفعت بالطنب والأوتاد وكذلك الصلاة من الإسلام وجاء في الحديث ((إن أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة من عمله صلاته فإن تقبلت منه صلاته تقبل منه سائر عمله وإن ردت عليه صلاته رد عليه سائر عمله)) فصلاتنا آخر ديننا وهي أول ما نسأل عنه غدا من أعمالنا يوم القيامة فليس بعد ذهاب الصلاة إسلام ولا دين إذا صارت الصلاة آخر ما يذهب من الإسلام. [14].
والصلاة أول فروض الإسلام وهي آخر ما يفقد من الدين فهي أول الإسلام وآخره فإذا ذهب أوله وآخره فقد ذهب جميعه وكل شيء ذهب أوله وآخره فقد ذهب جميعه.
قال الإمام أحمد: كل شيء يذهب آخره فقد ذهب جميعه فإذا ذهبت صلاة المرء ذهب دينه.
12ـ عن مِحْجَنٍ بن أبي محجن: ((أَنَّهُ كَانَ فِي مَجْلِسٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُذِّنَ بِالصَّلاةِ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى ثُمَّ رَجَعَ وَمِحْجَنٌ فِي مَجْلِسِهِ لَمْ يُصَلِّ مَعَهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَ النَّاسِ أَلَسْتَ بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ؟ فَقَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَكِنِّي قَدْ صَلَّيْتُ فِي أَهْلِي، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جِئْتَ فَصَلِّ مَعَ النَّاسِ وَإِنْ كُنْتَ قَدْ صَلَّيْتَ)) [15].
قال ابن القيم: فجعل الفارق بين المسلم والكافر الصلاة، وأنت تجد تحت ألفاظ الحديث أنك لو كنت مسلمًا لصليت، وهذا تقول: ما لك لا تتكلم، ألست بناطق؟ ومالك لا تتحرك ألست بحي؟ ولو كان الإسلام يثبت مع عدم الصلاة لما قال لمن رآه لا يصلي: ألست برجل مسلم؟.
13ـ عن أنس قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: ((بين العبد والكفر أو الشرك ترك لصلاة، فإذا ترك الصلاة فقد كفر)) [16]
14ـ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَلا أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الأَمْرِ كُلِّهِ وَعَمُودِهِ وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ؛ قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلامُ، وَعَمُودُهُ الصَّلاةُ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ .. الحديث)) [17].
قال ابن القيم: ووجه الاستدلال به أنه أخبر أن الصلاة من الإسلام بمنزلة العمود الذي تقوم عليه الخيمة، فكما تسقط الخيمة بسقوط عمودها فهكذا يذهب الإسلام بذهاب الصلاة، وقد احتج أحمد بهذا بعينه.
15ـ عن معاذ بن أنس عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ((الْجَفَاءُ كُلُّ الْجَفَاءِ وَالْكُفْرُ وَالنِّفَاقُ مَنْ سَمِعَ مُنَادِيَ اللَّهِ يُنَادِي بِالصَّلاةِ يَدْعُو إِلَى الْفَلاحِ وَلا يُجِيبُهُ)) [18].
16ـ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((مَنْ صَلَّى صَلاتَنَا، وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا، وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا، فَذَلِكَ الْمُسْلِمُ الَّذِي لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ، فَلا تُخْفِرُوا اللَّهَ فِي ذِمَّتِهِ)) [19].
قال الحافظ في الفتح (ذِمَّة اللَّهِ): أَيْ أَمَانَته وَعَهْده.
(فَلا تُخْفِرُوا) أَيْ لا تَغْدِرُوا.
¥