قالت هيئة كبار العلماء: يستتاب تارك الصلاة عمدًا ثلاثة أيام على الصحيح، فإن تاب فالحمد لله، وإلا قتل بواسطة الحاكم الشرعي، لقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (من بدل دينه فاقتلوه). [27]
إجماع الصحابة وأقوال أهل العلم
ـ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ الْعُقَيْلِيِّ قَالَ: ((كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَرَوْنَ شَيْئًا مِنْ الأَعْمَالِ تَرْكُهُ كُفْرٌ غَيْرَ الصَّلاةِ)) قَالَ الترمذي: سَمِعْت أَبَا مُصْعَبٍ الْمَدَنِيَّ يَقُولُ: ((مَنْ قَالَ الإِيمَانُ قَوْلٌ يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلا ضُرِبَتْ عُنُقُهُ)) [28].
قال في تحفة الأحوذي: قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ هَذَا بِظَاهِرِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا يَعْتَقِدُونَ أَنَّ تَرْكَ الصَّلاةِ كُفْرٌ , وَالظَّاهِرُ مِنْ الصِّيغَةِ أَنَّ هَذِهِ الْمَقَالَةَ اِجْتَمَعَ عَلَيْهَا الصَّحَابَةُ. لأَنَّ قَوْلَهُ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ جَمْعَ مُضَافٍ وَهُوَ مِنْ الْمُشْعِرَاتِ بِذَلِكَ.
وَأَثَرُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ هَذَا أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ أَيْضًا وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِهِمَا , وَذَكَرَهُ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَيْهِ.
قال ابن باز رحمه الله بعد أثر عبدالله بن شقيق: فهذا يدل على أن تركها كفر أكبر بإجماع الصحابة رضي الله عنهم [29].
وقال ابن باز أيضًا: فذكر أنهم مجمعون على أن ترك الصلاة كفر، ولم يقولوا بشرط أن ينكر وجوبها أو يجحد وجوبها، أما من قال: إنها غير واجبة فهذا كافر عند الجميع كفرًا أكبر، وإذا قال: إنها غير واجبة فقد كفر عند جميع أهل العلم ولو صلى مع الناس، متى جحد الوجوب كفر إجماعًا، نسأل الله العافية. [30]
قال ابن القيم: فصل في الاستدلال بإجماع الصحابة:
عن عبدالله بن عباس ((أنه جاء عمر بن الخطاب حين طعن في المسجد قال فاحتملته أنا ورهط كانوا معي في المسجد حتى أدخلناه بيته قال فأمر عبدالرحمن بن عوف أن يصلي بالناس قال فلما دخلنا على عمر بيته غشي عليه من الموت فلم يزل في غشيته حتى أسفر ثم أفاق فقال هل صلى الناس قال فقلنا نعم فقال لا إسلام لمن ترك الصلاة)) وفي سياق آخر ((لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة ثم دعا بوضوء فتوضأ وصلى)) وذكر القصة تعظيم قدر الصلاة، فقال هذا بمحضر من الصحابة ولم ينكروه عليه.
وقد تقدم مثل ذلك عن معاذ بن جبل وعبدالرحمن بن عوف وابي هريرة ولا يعلم عن صحابي خلافهم.
وقال الحافظ عبدالحق الاشبيلي رحمه الله في كتابه في الصلاة: ذهب جملة من الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم إلى تكفير تارك الصلاة متعمدا لتركها حتى يخرج جميع وقتها منهم عمر بن الخطاب ومعاذ بن جبل وعبدالله بن مسعود وابن عباس وجابر وأبو الدرداء وكذلك روي عن علي ابن ابي طالب كرم الله وجهه هؤلاء من الصحابة ومن غيرهم أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهوية وعبدالله بن المبارك وإبراهيم النخعي والحكم بن عيينة وأيوب السختياني وأبو داود الطيالسي وابو بكر ابن أبي شيبة وابو خيثمة زهير بن حرب
ـ عن الْمِسْوَر بْنَ مَخْرَمَةَ: ((أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مِنْ اللَّيْلَةِ الَّتِي طُعِنَ فِيهَا فَأَيْقَظَ عُمَرَ لِصَلاةِ الصُّبْحِ فَقَالَ عُمَرُ: " نَعَمْ وَلا حَظَّ فِي الإِسْلامِ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلاةَ " فَصَلَّى عُمَرُ وَجُرْحُهُ يَثْعَبُ دَمًا)) [31].
ـ عن ابن مسعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: ((من ترك الصلاة فلا دين له)) [32].
ـ عن أبي الدرداء رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: ((لا إيمان لمن لا صلاة له، ولا صلاة لمن لا وضوء له)) [33].
ـ قال ابن أبي شيبة: قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((من ترك الصلاة فقد كفر)).
ـ وقال محمد بن نصر المروزي: سمعت إسحاق يقول: صح عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تارك الصلاة كافر، وكذلك كان رأي أهل العلم من لدن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أن تارك الصلاة عمدًا من عذر حتى يذهب وقتها كافر)).
¥