وما كنت أظن أنا بحاجة إلى إيراد هذه الأدلة على موقف الشيخ من أفضلية التغطية، لأنه معروف لكل طلاب العلم ذلك، ولا يظن به غير ذلك، لكن تلاعب المتلاعبين بكلام الشيخ هو الذي أوجب هذا التفصيل لبيان الحقيقة.
إن معركة الحجاب ليست بين الموجبين للتغطية والمبيحين للكشف من العلماء، بل هي بين كافة علماء الأمة من أوجب ومن أجاز، وبين المستغربين رسل الشيطان لهتك ستر الأمة، وإبراز عورات نسائها، وهاكم الدليل:
- من أجاز الكشف من العلماء، أجازه مستندا إلى الدليل الشرعي، بغض النظر عن صوابه أو خطئه، أما دعاة السفور فلا يؤمنون بالدليل أصلا، بل يكرهون ما أنزل الله، ويتبعون أهواءهم وشهواتهم، فمصدر التلقي عند الفريقين مختلف اختلافا جذريا وكليا، هذا يتلقى من الكتاب والسنة، وذاك يتلقى عن الهوى والفكر الغربي.
- من أجاز الكشف يرى التغطية أفضل، ولا يجادل في هذا أحد، بينما دعاة السفور يرون الكشف أفضل بإطلاق، ليس كشف الوجه فحسب، بل كشف سائر البدن، حتى تغدو المرأة بلا ستر ولا حياء، وما افتراءهم وتقولهم على الشيخ أنه قال بأفضلية الكشف إلا دليل من الأدلة على ما قلنا.
- من أجاز الكشف يرى وجوب التغطية حال الفتنة، بينما دعاة السفور يرومون الفتنة ويبحثون عنها، ويشجعون على الكشف لأجل إثارة الفتنة والفساد، والدليل قولهم أن الكشف أفضل من التغطية، مخالفين بذلك إجماع المسلمين.
نقول هذا لأن المستغربين، دعاة السفور، يسعون جاهدين للالتصاق والانتساب إلى العلماء القائلين بكشف الوجه، ليوهموا الناس أنهم منهم، وما هم منهم، وغرضهم من ذلك حماية أنفسهم من اكتشاف حقيقة دعوتهم في نشر الرذيلة ونزع الحجاب وهتك ستر المرأة، وأيضا من أجل السلامة من سخط الناس ونبذهم. إن الأمة منذ القديم مجمعة على أن الفتنة داعية للتغطية ..
والفتنة هنا هي:
أن تكون المرأة شابة، أو جميلة، أو أن يكثر الفساق والمتهاونون بالأعراض ..
ذهب إلى ذلك الحنفية الحنابلة والمالكية والشافعية (أورد أقوالهم الشيخ محمد بن إسماعيل المقدم في كتابه "عودة الحجاب") ..
بل ذهب بعض العلماء إلى إيجاب التغطية حتى على الأمة، إذا صارت فاتنة، وكل ذلك مفهوم في ظل حرص العلماء على عفاف وستر نساء المؤمنين، وتأمل في قول عائشة رضي الله عنها:
(لو رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء، لمنعهن المسجد، كما منعه نساء بني إسرائيل) 0 ..
تدرك هذا، حيث رأت منع النساء من الخروج من البيت، إذا تغير الحال، والقرار في البيت أكبر من تغطية الوجه.
ونحن نقول:
ألا ترون قدر الفتنة التي تكون اليوم جراء خروج الفتاة من بيتها؟ ..
الخروج لوحده يستفز السفهاء ليحوموا حول الحمى، فما بالكم حينما تكشف عن وجهها، وكلكم سمع ورأى من مثل هذا، ما صار مشهورا ..
بالإضافة إلى الكيد الكبير الذي يخطط له أعداء الحجاب، وهو معلوم لا يخفى ..
إذن، نحن نعيش حالة حرب حقيقة مع أعداء الحجاب، وكل متبصر، أو لديه نصف تبصر يدرك هذا، وعلى هذا:
فكل العلماء يجمعون أنه في زمان كهذا يجب التغطية، حتى من أجاز؟ …
والحكمة والعقل يأمران بالحجاب والتغطية، وأن ندعوا إلى هذه الفضيلة درءا لهذه الفتنة العمياء؟.
ثم إن التغطية دين وشريعة ماضية، ليست ترسبات اجتماعية قائمة على التقاليد، فكل ما دلت عليه النصوص فهو دين وليس تقليدا أو عادة، وإن ترسخه في المجتمع وعمل الناس به لا يخرجه عن كونه دينا، وهاكم أدلة الحجاب مختصرة مبينة: قال تعالى: {وإذا سألتموهن متاعا فسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن}.
هذا نص صريح في وجوب تغطية الوجه، ولما كان كذلك ادعى المخالفون أنه خاص بأمهات المؤمنين!. وهو زعم لا دليل عليه، بل هو دليل من الأدلة على وجوب التغطية، فكيف يؤمر الطاهرات المطهرات أمهات المؤمنين بتغطية الوجه ثم يؤذن لسواهن؟!! ..
بل القياس يقول: إذا كان أمهات المؤمنين رضوان الله عليهن قد أمرن بالحجاب، مع براءتهن وانتفاء الريب عنهن، فسواهن من باب أولى، هذا وقد علل هذا الحكم بقوله: {ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن} .. ولايقدر أن يزعم زاعم أن سائر النساء لسن في حاجة إلى طهارة القلب.
وقال: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن}.
¥