تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد فسر ابن عباس رضي الله عنه الآية بقوله: " أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب، ويبدين عينا واحدة"، ومثله عن عبيدة السلماني.

وقال: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن}، قال ابن مسعود: " الثياب"، أي العباءة أو الجلباب، فلا يمكن ستره، فمعفو عنه، وكذا إذا ما حرك الريح العباءة فظهر منها شيء دون قصد.

وقال: {والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن}، قال الجصاص: " أباح لها كشف وجهها ويدها لأنها لا تشتهى"، أما غير القواعد فمحرم.

وقال صلى الله عليه وسلم: (إن المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان) رواه الترمذي وهذا نص صريح في وجوب ستر سائر البدن من غير استثناء.

فهذا النصوص وغيرها تدل بوضوح على أن ستر الوجه والكفين من الدين لا من العادات أو التقاليد الاجتماعية.

أيهما أعظم فتنة:

آلوجه أم القدم؟ ..

فهل يعقل أن يأمر الشارع بحجب القدم ويأذن بكشف الوجه؟!!.

ثم إن الأصل في تاريخ الأمة الحجاب، كان النساء في عهد الصحابة يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن،

- قالت عائشة رضي الله عنها:

" يرحم الله نساء المهاجرات الأول، لما أنزل الله: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن}، شققن مروطهن فاختمرن بها" البخاري في التفسير، قوله: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} ..

قال ابن حجر: " قوله: [فاختمرن] أي غطين وجوههن" الفتح 8/ 490، ويقال: خمر الإناء إذا غطى وجهه.

- وقالت عائشة: " كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات، فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه" أبو داود في الحج، باب: في المحرمة تغطي وجهها

وهذا عام، فقد كانت عائشة تحج مع سائر النساء، وهي تحكي ما كانت تفعله هي وسائر النساء إذا مر الرجال.

- يؤكد هذا أثر قالت فاطمة بنت المنذر قالت: " كنا نخمر وجوهنا ونحن محرمات، ونحن مع أسماء بنت أبي الصديق فلا تنكره علينا" الموطأ، في الحج، باب: تخمير المحرم وجهه.

- وعن المغيرة بن شعبة قال: "أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له امرأة أخطبها فقال:

(اذهب فانظر إليها، فإنه أجدر أن يؤدم بينكما).

قال: فأتيت امرأة من الأنصار فخطبتها إلى أبويها، وأخبرتهما بقول النبي صلى الله عليه وسلم فكأنهما كرها ذلك، قال: فسمعت ذلك المرأة وهي في خدرها ..

فقالت: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرك أن تنظر فانظر، وإلا فأنشدك، كأنها عظمت ذلك، قال: فنظرت إليها فتزوجتها"رواه الترمذي في النكاح، باب: ما جاء في النظر إلى المخطوبة

فهذا الأثر صريح في تغطية الوجه، فالمغيرة جاء لينظر إلى وجهها، وأبواها كرها ذلك، وهي قبلت امتثالا للأمر النبوي مع التحريج على الخاطب أن يكون له غرضا آخر بقوله: " إلا فأنشدك"، أي أن تترك النظر إلى وجهي.

وعلى هذا مضى الناس قرنا بعد قرن ..

- قال الغزالي وقد عاش في القرن الخامس:

"لم يزل الرجال على ممر الزمان مكشوفي الوجوه، والنساء يخرجن منتقبات" ..

- وحكى الإمام النووي في روضة الطالبين (5/ 366) وقد عاش في القرن السابع اتفاق المسلمين على منع النساء من الخروج سافرات ..

- وقال ابن حجر وقد عاش في القرن التاسع:

"العمل على جواز خروج النساء إلى المساجد والأسواق والأسفار منتقبات لئلا يراهن الرجال" ..

وعلى ذلك كان النساء ثلاثة عشر قرنا، حتى بدايات القرن الرابع عشر الهجري، حيث بدأت دول الغرب تتكالب على دولة الخلافة حتى إذا سقطت تقاسمتها، وكان أول شيء قامت به تعطيل الشريعة ونزع الحجاب ابتداء بغطاء الوجه، فغطاء الوجه هو بداية نزع الحجاب ..

فليتنبه لمثل هذا.

فلم تعد القضية فقهية تبحث في كتب الفقه فحسب، بل القضية أكبر من ذلك، إنها قضية مصير لأمة محافظة على حجابها، يراد هتك حجابها، وكشف الوجه هو البداية، قد اتخذ من اختلاف العلماء فيه وسيلة لتدنيس طهارة الأمة، والدليل على هذا:

أنه لا يعرف في تاريخ الأمة وقوع معارك حول قضية الكشف، فلم يحدث في تاريخ الأمة أن اجتمع العلماء المجيزون لكشف الوجه ليخرجوا على الأمة مجتمعين يدعون النساء إلى إزالة غطاء الوجه بدعوى أن المسألة خلافية، كانوا يذكرون ذلك في كتبهم من باب التفقيه فحسب ..

أما أن يرتقوا المنابر ويتصدروا المجالس والمنتديات ليقرروا ما ترجح لديهم بإصرار وإلحاح لاينقطع ليحملوا نساء الأمة على كشف الوجه فذلك لم يفعلوه ولم يحصل في تاريخ الأمة، مع أنهم هم الأحق بذلك إن كان في ذلك خير، لأنهم مجتهدون ينطلقون من الشرع وقصدهم نصرته، وهم الذين توصلوا إلى هذا الحكم، لكن ما فعلوا ..

لماذا؟ ..

لأنهم كانوا وهم المجيزون للكشف يعلمون أن التغطية أفضل، ولذا كانوا يدعون الأمة إلى الأفضل، فهذا هو حال العالم الصالح الذي يحب أمته ويريد لها الخير ..

أما ما يفعله هؤلاء المستغربون من الدعوة بإلحاح وعلى كافة المستويات مع التلفيق والتلاعب بأقوال العلماء فليس له إلا تفسير واحد هو:

أنهم قد كرهوا هذا الحجاب! ..

كرهوا ما أنزل الله! ..

كرهوا استتار المرأة وعفتها! ..

وضاقت صدورهم ببعدها عن الرجال، فلجؤوا إلى محاربته من خلال الدعوة إلى كشف الوجه بدعوى أن المسألة خلافية، فنرجوا من علمائنا وطلاب العلم القائلين بالكشف أن ينتبهوا لمثل هذا.

أبو سارة

[email protected]

المصدر: http://saaid.net/Doat/abu_sarah/26.htm

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير