على أن من حق المسلمة التي ابتليت بهذه المصيبة في نفسها، أن تحتفظ بهذا الجنين، ولا حرج عليها شرعًا، كما ذكرت، ولا تُجبر على إسقاطه، وإذا قُدِّر له أن يبقى في بطنها المدة المعتادة لحمل ووضعته، فهو طفل مسلم، كما قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: "كل مولود يولد على الفطرة ... ". (رواه البخاري: كتاب الجنائز. باب ما قيل في أولاد المشركين). والفطرة هي التوحيد وهي الإسلام.
ومن المقرر فقهًا: أن الولد إذا اختلف دين أبويه، يتبع خير الأبوين دينًا، وهذا فيمن له أب يُعرف، فكيف بمن لا أب له؟ إنه طفل مسلم بلا ريب.
وعلى المجتمع المسلم أن يتولى رعايته والإنفاق عليه، وحسن تربيته، ولا يدع العبء على الأم المسكينة المبتلاة، والدولة في الإسلام مسئولة عن هذا الرعاية بواسطة الوزارة أو المؤسسة المختصة، وفي الحديث الصحيح المتفق عليه: "كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته". (رواه البخاري: كتاب الجمعة. باب الجمعة في القرى والمدن، ومسلم: كتاب الإمارة. باب فضيلة الإمام العادل. انظر فتاوى معاصرة للشيخ القرضاوي: 2/ 609 - 612. دار الوفاء. ط ثالثة. 1415هـ).
ويقول الدكتور "عبد الفتاح محمود إدريس"- أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر- مستدلاً بحديث الغامدية ومعلقًا عليه: إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لم يستفصل منها عمَّا إذا كان زنا ماعز بها قد تم برضاها أو بإكراهها عليه، كما لم يستفصل منها إن كان حملها في شهوره الأولى أو بعد ذلك، فلو كان حُكم الإجهاض يختلف باختلاف ظروف ارتكاب الفاحشة وعمر الجنين لاستفصل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، ولَبَيَّنَ لها- وقد ذكَرَت أنها حُبلى- أن لها أن تُجهض هذا الجنين إن كان عمره كذا أو نحو ذلك، لأنه وقت الحاجة إلى البيان، وتأخير البيان عن وقت الحاجة إليه لا يجوز، فلمَّا لم يستفصل ولم يبين دلَّ على حرمة إجهاض الجنين ولو كان من سفاح، أيًّا كان ظروف ارتكاب الفاحشة أو عمر الجنين.
إن الجنين قبل نفخ الروح فيه له حرمة، وإن لم تكن كحرمة من نُفخت فيه الروح، وهذه الحرمة تقتضي حُرمة الاعتداء عليه، فإذا نُفخ فيه الروح بعد مضيّ مائة وعشرين يومًا من بدء الحمل به فإن الاعتداء عليه في هذه الحالة يكون قتلاً لنفس حرم الله قتلها إلا بالحق، وليس من الحق إزهاقُها لمجرد إتيانها من سفاح. (من فتوى للدكتور "عبد الفتاح إدريس" على موقع إسلام أون لاين. نت).
ولا شك أن الأصل حرمة الإجهاض، لا سيما إن نفخت فيه الروح، وما دام للفقهاء اختلاف قبل نفخ الروح ففي مثل حالات الأعذار- التي منها بلا شك اغتصاب العدو لها، أو اغتصاب الزبانية لها في سجون الطغاة- لا بأس بالأخذ بأحد القولين الآخرين، كما يقول الشيخ "القرضاوي"، استثناء من الأصل، وإباحة للمحظور بالضرورة القاهرة التي تقدر بقدرها، وكلما كان العذر أقوى كانت الرخصة أظهر، وكلما كان ذلك قبل الأربعين الأولى كان أقرب إلى الرخصة، على أن لها أن تحتفظ به في بطنها، ولا حرج عليها، وعلى المجتمع أن يتولاه، وألا ينظر إلى هذه المرأة المكسورة نظرة سوء، والله أعلم.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[14 - 05 - 04, 08:34 م]ـ
الخلاصة يجوز الإجهاض قبل الـ120 يوماً (على أرحم الأقوال). أما بعده فلا يجوز.
اللهم في حالات خاصة كأن كان هذا سيتسبب في قتلها (وهذا نادر) والله أعلم.
ـ[أبو أسيد البغدادي]ــــــــ[15 - 05 - 04, 02:22 م]ـ
جزاكم الله خيرا مشايخا الكرلم و بارك فيكم.
هل تكلم أحد من الائمة المتقدمين عن هذه المسئلة
وما هو الراجح في وقت نفخ الروح؟
ومن من الائمة المتقدمين ذهب الى أن نفخ الروح يكون بعد الاربعين الاولى؟