فائدةٌ نفيسةٌ حولَ ابنِ خَلِّكان ومنهجِهِ في كتابِهِ " وَفَيَات الأعَيان"
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[14 - 05 - 04, 05:24 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة، والسلام، على نبينا محمد وآله ومن تبعه إلى يوم الدين أما بعد:
فهذه فائدة نفيسة حول منهج القاضي ابن خَلِّكان في كتابه " وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان "
وهو كتاب مشهور جدا موضوعه في التراجم العامة، ولا تخلوا منه مكتبة طالب علم فضلا عن عالم، وقد استفاد من هذا الكتاب معظم ـ إن لم أقل كل ـ من جاء بعده، وألف في التأريخ، أو السير، والتراجم ...
لكن على الكتاب مأخذ عظيم! رغم كثرة فوائدة، ومكانة مؤلفه بين العلماء في زمانه وبعده.
وهذا المأخذ يتضح لكلِ مَنْ مارس الكتاب، وقرأه، وقارنه بغيره ... ولما كان الحافظ ابن كثير رحمه يكثر النقل عنه جدا ويفيد منه كثيرا طفح الكيل عنده في ترجمة ابن الراوندي قبحه الله ..
كما في البداية والنهاية 14/ 764 ط: دار هجر [وأتركك الآن مع ابن كثير رحمه]
قال ابن كثير: [وفيات سنة 298هـ]
الزنديق أحمد بن يحيى بن إسحاق أبو الحسين المعروف بابن الراوندي
أحد مشاهير الزنادقة الملحدين عليه اللعنة من رب العالمين، كان أبوه يهوديا فأظهر الإسلام، فيقال: إنه حرف التوراة كما عادى ابنُه القرآن بالقرآن وألحد فيه، وصنف كتابا في الرد على القرآن سماه " الدامغ". وكتابا في الرد على الشريعة والاعتراض عليها سماه " الزمردة". وكتابا يقال له "التاج" في معنى ذلك، وله كتاب "الفريد" وكتاب " إمامة المفضول الفاضل".
وقد انتصب للرد على كتبه هذه جماعة منهم الشيخ أبو علي محمد بن عبد الوهاب الجبائى شيخ المعتزلة في زمانه، وقد أجاد في ذلك، وكذلك ولده أبو هاشم عبد السلام بن أبى علي، قال الشيخ أبو علي: قرأت كتاب هذا الملحد الجاهل السفيه ابن الراوندي، فلم أجد فيه إلا السفه، والكذب، والافتراء. قال وقد وضع كتابا في قدم العالم ونفى الصانع، وتصحيح مذهب الدهرية والرد على أهل التوحيد، ووضع كتابا في الرد على محمد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في سبعة عشر موضعا من كتابه، ونسبه إلى الكذب ـ يعنى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ـ وطعن على القرآن، ووضع كتابا لليهود والنصارى، وفضل دينهم على المسلمين؛ يحتج لهم فيها على إبطال نبوة محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، إلى غير ذلك من الكتب التي تبين خروجه عن الإسلام. نقله ابن الجوزي عنه. وقد أورد ابن الجوزي في منتظمه طرفا من كلامه وزندقته وطعنه على الآيات والشريعة. ورد عليه في ذلك.
وهو أقل وأخس وأذل من أن يلتفت إليه وإلى جهله وكلامه وهذيانه وسفهه وخذلانه وتمويهه وترويجه وطغيانه.
وقد أسند إليه حكايات من المسخرة والاستهتار والكفر والكبائر منها ما هو صحيح عنه، ومنها ما هو مفتعل عليه ممن هو مثلُه، وعلى طريقه ومسلكه في الكفر والتستر بالمسخرة [في نسخة: يخرجونها في قوالب مسخرة وقلوبهم مشحونة بالكفر والزندقة وهذا كثير موجود فيمن يدعى الإسلام وهو منافق يتمسخرون بالرسول ودينه وكتابه وهؤلاء ممن] قال الله تعالى فيهم (ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم) وقد كان أبو عيسى الوارق مصاحبا لابن الراوندي قبحهما الله فلما علم الناس بأمرهما طلب السلطان أبا عيسى فأودع السجن حتى مات، وأما ابن الراوندي فهرب فلجأ إلى ابن لاوي اليهودي وصنف له ـ في مدة مقامه عنه ـ كتابه الذي سماه " الدامغ للقرآن " فلم يلبث بعده إلا أياما يسيرة حتى مات لعنه الله.ويقال: إنه أخذ وصلب.
قال أبو الوفاء بن عقيل: ورأيت في كتاب محقق أنه عاش ستا وثلاثين سنة مع ما انتهى إليه من التوغل في المخازي [في نسخة: في هذا العمر القصير] لعنه الله وقبحه، ولا رحم عظامه.
¥