تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[هل ابن حزم سني أم لا؟ لشيخنا الغفيص]

ـ[أبو يحيى التركي]ــــــــ[16 - 05 - 04, 11:25 ص]ـ

قال شيخنا الشيخ يوسف الغفيص: وينبه هنا إلى أن هذا الإمام مع سعة علمه وسعة فقهه وفضل ديانته رحمه الله إلا أنه لما ذكر تقرير المعتقد عند أهل السنة والجماعة اختلط الأمر عليه في كثير من الأبواب ولهذا إذا قيل هل ابن حزم سني أو سلفي، مع أن هذا السؤال لا أراه فاضلا أن يتتبع الأعيان من أهل العلم بمثل هذه السؤالات إلا من تميز حاله وفي الغالب أن من تميز حاله لا يحتاج إلى سؤال لكن أن يتتبع ويشغل الأمر هل ابن حزم أو الحافظ أو ما إلى ذلك هل هم سلفية محضة أم لا أو هم من أهل السنة أو لا إلى غير ذلك فمن جهة الجواب العام فإن أبا محمد ابن حزم من أهل السنة والجماعة، لكن لما قرر معتقد أهل السنة فهو من جهة ذم البدع والرد على أهل البدع من الطوائف حتى الطوائف التي عند المحققين من أهل السنة من المتأخرين في شأنها بدرجة التغليظ الذي قاله ابن حزم وكذلك المقالات التي لم يغلظ في شأنها بعض أئمة أهل السنة الكبار، ومع هذا فإن ابن حزم في هذا الباب شديد التمسك لدرجة انه وقع له قدر من الزيادة فيه،أعني في امتداح والحث على التمسك بمذهب أهل السنة والجماعة والذم للمذاهب المخالفة فإن من طرق ذمه تكفير بعض الأعيان من المخالفين، وهذه طريقة ليست مستعملة في كلام المتقدمين من السلف كما أنه قد يزيد في ذم بعض الأقوال بما لم يقع مثله في كلام السلف أو كلام المحققين من أهل السنة والجماعة كشيخ الإسلام ابن تيمية فهو في باب الانتساب وباب الانتحال لمذهب أهل السنة والجماعة محقق بل عنده زيادة في التحقيق أيضا.

لكنه في باب التقرير وهذه مسألة أحب أن ينتبه لها ولا سيما عند المتأخرين أن ثمة فرقا بين الانتحال وبين التقرير فإن طائفة من المتأخرين من أصحاب الأئمة ينتحلون السنة والجماعة ولكنهم يقصرون عند تقريرها ففرق بين مقام انتحال المذهب أي الانتساب إليه والولاء له والذم لمخالفه فهذا طريقة في الغالب أنها سهلة التحصيل لكن الشأن الأعظم هو في تقرير جمل الحق وتفاصيلها فإذا انتهى أبو محمد ابن حزم إلى التفاصيل فإنه يبتعد في بعض الأبواب ومن أخص ذلك بل أخص باب غلط فيه ابن حزم هو باب الأسماء والصفات فإنه انتهى فيه إلى نتيجة مركبة من مقالات أهل السنة والجماعة ومن مقالات المعتزلة بل بعض طرقه كما شيخ الإسلام رحمه الله هي من طرق الفلاسفة التي لم تصرح بها حتى المعتزلة فإذن قوله في هذا قول مختلف مركب من غير مادة فهو قول ملفق، ولهذا لا يعتبر قوله في باب الأسماء والصفات وغلطه في هذا الباب أكثر من صوابه، ولكنه رحمه الله في باب الإيمان والأسماء والأحكام قال كلاما حسنا وذكر معتقد أهل السنة بصورة حسنة وإن كان حتى في هذا الباب أعني باب الأسماء والأحكام ومسمى الإيمان، عنده غلط فيه ولكن صوابه يغلب على غلطه كثيرا في مثل هذا الباب.

فطريقته ليست منتظمة على جهة واحدة، وعند التحقيق فإن أبا محمد ابن حزم ليس ممن يؤخذ عنه التفاصيل، وكأن هذا هو المنهج اللائق بهذا الإمام حتى في فقهه، فإنه رجل محقق في النظر والبحث وتتبع الدليل ولكن من جهة منهجه الفقهي فضلا عن منهجه العقدي فإنه يقع فيه تقصير كثير، ولهذا فإن من اعتبر منهجه رحمه الله على طريقة الاستفادة بعد النظر الفقهي أو النظر العقدي في أقوال السلف أو في أقوال الفقهاء من أصحاب المذاهب الأربعة وأئمة الاجتهاد من متقدمي السلف فإنه يقع له استفادة فاضلة في كلام ابن حزم من تبيين بعض الأدلة أو التعليق عليها أو حسن الاستدلال أو حسن المعارضة أو ما إلى ذلك، وأما من توحد بطريقة ابن حزم في الفقه فضلا عن الاعتقاد فإنه في الغالب يقع عنده كثير من الغلط والشذوذ والتقصير، فإن طريقته حتى الفقهية مبنية على أصول.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير