تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[11 - 06 - 04, 04:54 م]ـ

فالسماء الدنيا تحيط بالأرض، وهي عالية عليها، فحيثما ذهب الإنسان في الأرض رأى السماء فوقه، فالمحيط بالشيء لا يكون إلا عالياً فقط.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

فإنه معلوم بصريح العقل أن الهواء فوق الأرض، والسماء فوق الأرض، وهذا معلوم قبل أن يُعلم كون السماء محيطة بالأرض، ... فإن الطير فوق الأرض وليس محيطاً به، والسحاب فوق الأرض وليس محيطاً بها، وكل جزءٍ من أجزاء الفلك هو فوق الأرض وليس محيطاً بها، فتبين أن العلو معنى معقول مع أنه لا يشترط فيه الإحاطة وإن كانت الإحاطة لا تناقضه، ...

ولهذا كان الناس يعلمون أن السماء فوق الأرض، والسحاب فوق الأرض قبل أن يخطر بقلوبهم أنها محيطة بالأرض.

" درء التعارض " (6/ 336، 337).

ومن قال إن السماء ليست محيطة بالأرض بل هي سقف له فهو مخالف للحس والعقل والإجماع.

وقال ابن القيم:

... ولهذا لما كانت السماء محيطة بالأرض: كانت عالية عليها، ولما كان الكرسي محيطاً بالسماوات: كان عالياً عليها، ولما كان العرش محيطا بالكرسي: كان عالياً، فما كان محيطاً بجميع ذلك: كان عالياً عليه ضرورة ولا يستلزم ذلك محايثته لشيء مما هو محيط به ولا مماثلته ومشابهته له، فإذا كانت السماء محيطة بالأرض وليست مماثلة لها: فالتفاوت الذي بين العالَم ورب العالَم أعظم من التفاوت الذي بين الأرض والسماء وإن لم يكن محيطاً بالعالَم بأن لا يكون العالم كريّاً بل تكون السماوات كالسقف المستوي فهذا وإن كان خلاف الإجماع وخلاف ما دل عليه العقل والحس، فلو قال به قائل لزم أيضا أن يكون الرب تعالى عالياً على العالَم لأنه إذا كان مباينا وقُدِّر أنه غير محيط فالمباينة تقتضي ضرورة أن يكون في العلو أو في جهة غيره، ومن المعلوم بالضرورة أن العلو أشرف بالذات من سائر الجهات، فوجب ضرورة اختصاص الرب بأشرف الأمرين وأعلاهما.

" الصواعق المرسلة " (4/ 1308).

وما يقال في الأرض يقال في الشمس والقمر.

قال ابن حزم:

فالأرض على هذا البرهان الشاهد هي مكان التحت للسموات ضرورة، فمِن حيث كانت السماء فهي فوق الأرض، ومِن حيث قابلتْها الأرض فهي تحت السماء ولا بد، وحيث ما كان ابن آدم فرأسه إلى السماء ورجلاه إلى الأرض، وقد قال الله عز وجل: {ألم يروا كيف خلق الله سبع سموات طباقاً وجعل القمر فيهن نوراً وجعل الشمس سراجاً}، وقال تعالى: {تبارك الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً}، فأخبر الله تعالى إخباراً لا يرده إلا كافر بأن القمر في السماء وأن الشمس أيضاً في السماء.

" الفِصَل بين الملل والنِّحَل " (2/ 80).

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير