تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَهُوَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ , وَاحْتَجَّ فِي ذَلِكَ بِالْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي النَّهْيِ عَنْ الصَّلَاةِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّ أَحَادِيثَ النَّهْيِ نَاسِخَةٌ لِهَذَا الْحَدِيثِ , قَالَ الْحَافِظُ: وَهِيَ دَعْوَى تَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ وَأَنَّهُ لَا يُصَارُ إلَى النَّسْخِ بِالِاحْتِمَالِ , وَالْجَمْعِ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ مُمْكِنٌ بِأَنْ تُحْمَلَ أَحَادِيثُ النَّهْيِ عَلَى مَا لَا سَبَبَ لَهُ مِنْ النَّوَافِلِ انْتَهَى قُلْت: وَهَذَا أَيْضًا جَمْعٌ بِمَا يُوَافِقُ مَذْهَبَ الْحَافِظِ , وَالْحَقُّ أَنَّ أَحَادِيثَ النَّهْيِ عَامَّةٌ تَشْمَلُ كُلَّ صَلَاةٍ , وَهَذَا الْحَدِيثُ خَاصٌّ فَيُبْنَى الْعَامُّ عَلَى الْخَاصِّ , وَلَا يَجُوزُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ شَيْءٌ مِنْ الصَّلَوَاتِ إلَّا بِدَلِيلٍ يَخُصُّهُ , سَوَاءٌ كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَسْبَابِ أَوْ غَيْرِهَا , وَمَفْهُومُ الْحَدِيثِ أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ أَقَلَّ مِنْ رَكْعَةٍ لَا يَكُونُ مُدْرِكًا لِلْوَقْتِ , وَأَنَّ صَلَاتَهُ تَكُونُ قَضَاءً , وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ. وَقَالَ الْبَعْضُ: أَدَاءٌ. وَالْحَدِيثُ يَرُدُّهُ , وَاخْتَلَفُوا إذَا أَدْرَكَ مَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ كَالْحَائِضِ تَطْهُرُ وَالْمَجْنُونُ يَعْقِلُ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ يُفِيقُ وَالْكَافِرُ يُسْلِمُ دُونَ رَكْعَةٍ مِنْ وَقْتِهَا هَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ أَمْ لَا , وَفِيهِ قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ أَحَدُهُمَا: لَا تَجِبُ , وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ عَمَلًا بِمَفْهُومِ الْحَدِيثِ وَأَصَحُّهُمَا عَنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا تَلْزَمُهُ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ ; لِأَنَّهُ أَدْرَكَ جُزْءًا مِنْ الْوَقْتِ فَاسْتَوَى قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ وَأَجَابُوا عَنْ مَفْهُومِ الْحَدِيثِ بِأَنَّ التَّقَيُّدَ بِرَكْعَةٍ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ الْبُعْدِ , وَأَمَّا إذَا أَدْرَكَ أَحَدُ هَؤُلَاءِ رَكْعَةً وَجَبَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ بِالِاتِّفَاقِ بَيْنَهُمْ وَمِقْدَارُ هَذِهِ الرَّكْعَةِ قَدْرُ مَا يُكَبِّرُ وَيَقْرَأُ أُمَّ الْقُرْآنِ وَيَرْكَعُ وَيَرْفَعُ وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ. وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ الَّتِي أُدْرِكَتْ مِنْهَا رَكْعَةٌ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ أَدَاءً لَا قَضَاءً وَفِي ذَلِكَ إشْكَالَاتٌ عِنْدَ أَئِمَّةِ الْأُصُولِ قَوْلُهُ: (سَجْدَةً) الْمُرَادُ بِهَا الرَّكْعَةُ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَمُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ. وَقَدْ ثَبَتَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ بِلَفْظِ: رَكْعَةً مَكَانَ سَجْدَةٍ , فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي اللَّفْظِ وَقَعَ مِنْ الرُّوَاةِ , وَقَدْ ثَبَتَ أَيْضًا عِنْدَ الْبُخَارِيِّ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ بِلَفْظِ: " مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً " قَالَ الْحَافِظُ: وَلَمْ يُخْتَلَفْ عَلَى رَاوِيهَا فِي ذَلِكَ فَكَانَ عَلَيْهَا الِاعْتِمَادُ. قَالَ الْخَطَّابِيِّ: الْمُرَادُ بِالسَّجْدَةِ الرَّكْعَةُ بِرُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا , وَالرَّكْعَةُ إنَّمَا يَكُونُ تَمَامُهَا سُجُودَهَا فَسُمِّيَتْ عَلَى هَذَا سَجْدَةً انْتَهَى. وَإِدْرَاكُ الرَّكْعَةِ , قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ لَا يَخُصُّ صَلَاةَ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ لَمَا ثَبَتَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَغَيْرِهِمَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ: {مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ} وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ حَدِيثِ الْبَابِ. قَالَ الْحَافِظُ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ اللَّامُ عَهْدِيَّةً وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهَذَا مُطْلَقٌ وَذَاكَ يَعْنِي حَدِيثَ الْبَابِ مُقَيَّدٌ فَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ انْتَهَى وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ حَدِيثِ الْبَابِ دَلَّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى اخْتِصَاصِ ذَلِكَ الْحُكْمِ بِالْفَجْرِ وَالْعَصْرِ ,

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير