لم تعملها، قال: و قال موسى عليه السلام: يا رب أسألك أن لا يذكرنى أحد إلا
بخير، قال: ما فعلت ذلك بنفسى؟ إلى هنا عن أبى نعيم، عن شيوخه.
و قال سويد بن سعيد: قال الخليل بن أحمد صاحب العروض: سمعت سفيان بن سعيد
الثورى يقول: قدمت إلى مكة فإذا أنا بأبى عبد الله جعفر بن محمد، قد أناخ
بالأبطح، فقلت: يا ابن رسول الله، لم جعل الموقف من وراء الحرم، و لم يصير
فى المشعر الحرام؟ فقال: الكعبة بيت الله عز و جل، و الحرم حجابه، و الموقف
بابه، فلما قصده الوافدون، أوقفهم بالباب يتضرعون، فلما أذن لهم بالدخول،
أدناهم من الباب الثانى و هو المزدلفة، فلما نظر إلى كثرة تضرعهم و طول
اجتهادهم رحمهم، فلما رحمهم، أمرهم بتقريب قربانهم، فلما قربوا قربانهم،
و قضوا تفثهم، و تطهروا من الذنوب التى كانت حجابا بينه و بينهم أمرهم
بالزيارة ببيته على طهارة منهم له، قال: فقال له: فلما كره الصوم أيام
التشريق؟ فقال: إن القوم فى ضيافة الله عز و جل، و لا يجب على الضيف أن يصوم
عند من أضافه، قال: قلت: جعلت فداك فما بال الناس يتعلقون بأستار الكعبة،
و هى خرق لا تنفع شيئا؟ فقال: ذلك مثل رجل بينه و بين رجل جرم فهو يتعلق به
و يطوف حوله رجاء أن يهب له ذلك الجرم.
أخبرنا بذلك أبو الحسن على بن أحمد ابن البخارى المقدسى، قال: أنبأنا أبو
محمد بن أبى بكر بن أبى القاسم ابن الطويلة، و أبو القاسم سعيد بن محمد بن
محمد بن عطاف الهمدانى كتابة من بغداد، قالا: أخبرنا الحافظ أبو القاسم
إسماعيل بن عمر بن أحمد ابن السمرقندى، قال: حدثنى محمد بن أبى نصر الحميدى،
قال: أخبرنا أبو على الحسين بن محمد بن عيسى القيسى المالكى بقراءتى عليه فى
منزله بالفسطاط، قال: أخبرنا عبد الكريم بن أحمد بن على بن أبى جدار قراءة
عليه، قال: حدثنا أبو على الحسن بن رخيم، قال: حدثنا هارون بن أبى الهيذام
، قال: أخبرنا سويد بن سعيد، فذكره.
و قال عيسى بن أبى حرب الصفار، عن الفضل بن الربيع، عن الربيع: دعانى
المنصور أمير المؤمنين، فقال: إن بنى جعفر بن محمد الصادق يلحد فى سلطانى،
قتلنى الله إن لم أقتله، قال: فأتيته، فقلت: أجب أمير المؤنين، قال:
فتطهر و لبس ثيابا، أحسبه قال: جددا فأقبلت به فاستأذنت له، فقال: أدخله،
قتلنى الله إن لم أقتله، فلما نظر إليه مقبلا، قام من مجلسه فتلقاه، و قال:
مرحبا بالنقى الساحة البرىء من الدغل و الخيانة، أخى و ابن عمى، فأقعده على
سريره معه، و أقبل عليه بوجهه و سأله عن حاله ثم قال: سلنى حوائجك؟ فقال:
أهل مكة و المدينة قد بخلت عليهم عطاءهم فتأمر لهم به، قال: أفعل ثم قال:
يا جارية إيتنى بالمتحفة، فأتته بمدهن زجاج فيه غالية، فغلفه بيده، و انصرف
، فاتبعته فقلت: يا ابن رسول الله: أتيت بك و لا أشك إنه قاتلك، و كان منه
ما رأيت، و قد رأيتك تحرك شفتيك بشىء عند الدخول، فما هو؟ قال: قلت: اللهم
احرسنى بعينك التى لا تنام و اكنفنى بركنك الذى لا يرام، و احفظنى بقدرتك على
و لا تهلكنى و أنت رجائى، رب كم من نعمة أنعمت بها على، قل لك عندها شكرى،
و كم من بلية ابتليتنى بها، قل لك عندها صبرى؟! فيا من قل عند نعمته شكرى،
فلم يحرمنى، و يا من قل عند بليته صبرى، فلم يخذلنى، و يا من رآنى على
المعاصى فلم يفضحنى، و يا ذا النعماء التى لا تحصى أبدا، و يا ذا المعروف
الذى لا ينقضى أبدا، أعنى على دينى بدنيا و على آخرتى بتقوى، و احفظنى فيما
غبت عنه، و لا تكلنى إلى نفسى فيما حضرت، يا من لا تضره الذنوب، و لا تنقصه
المغفرة، اغفر لى ما لا يضرك، و أعطنى ما لا ينقصك، يا وهاب أسالك فرجا
قريبا، و صبرا جميلا، و العافية من جميع البلايا و شكر العافية.
أخبرنا بذلك أبو الحسن ابن البخارى، قال: أخبرنا أبو حفص بن طبرزد، قال:
أخبرنا القاضى أبو بكر محمد بن عبد الباقى الأنصارى، قال: حدثنا القاضى
الشريف أبو الحسين محمد بن على بن محمد ابن المهتدى بالله، قال: أخبرنا
أبو القاسم عبيد الله بن أحمد بن على الصيدلانى المقرىء، قال: حدثنا أبو طالب
على بن أحمد الكاتب، قال: حدثنا عيسى بن أبى حرب الصفار، فذكره.
¥