تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأما قول الشيخ الأشقر غفر الله له، " وهذا منطبق على أبى بكرة فان الآية تدمغه بالفسق وبالكذب وهذا يقتضي رد ما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم مما انفرد به "، فهذا الكلام لا ينبغي أن يصدر من أحد عن صحابي جليل، فالآية في شأن القاذف، أما الشاهد، فكما قال القرطبي رحمه الله: (وقد يعجز الرجل عن إقامة البينة وهو صادق في قذفه , ولكنه في حكم الشرع وظاهر الأمر كاذب لا في علم الله تعالى ; وهو سبحانه إنما رتب الحدود على حكمه الذي شرعه في الدنيا لا على مقتضى علمه الذي تعلق بالإنسان على ما هو عليه , فإنما يبنى على ذلك حكم الآخرة).

وفي هذا بيان أن الشاهد في قضية زنا، إن لم تكتمل الشهادة، لا يلزم في كل حال، أن يكون كاذبا في كل ما يقول، لكنه كاذب في حكم الله في ظاهر الأمر في قضية الزنا المعينة، كما قال تعالى (فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون). فإن كان معدلا من الله تعالى كالصحابة، فلاترد روايته عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد استقر عند العلماء أن الصحابة وإن كان يجوز على الواحد منهم الخطأ والزلة، فقد كانوا جميعا يعظّمون جريمة الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم ويستشنعونها إلى الغاية، ولم يفعله أحد منهم قط، وذلك مما كستهم به صحبة النبي صلى الله عليه وسلم من المرتبة العليا، والفضل العظيم.

هذا وقد تنازع العلماء أصلا، هل يجب حد القذف فيما لو لم يكتمل الشهود، قال في المغني (وذكر أبو الخطاب فيهم روايتين وحكى عن الشافعي فيهم قولان:

أحدهما: لا حد عليهم لأنهم شهود فلا حد عليه، لأنهم شهود فلم يجب عليهم الحد، كما لو كانوا أربعة أحدهم فاسق ... إلخ المغني 8/ 203

وإذا كان الأمر كذلك، فكيف تبطل أحاديث صحابي جليل، صحب النبي صلى الله عليه وسلم وجاهد معه، بل هو مولى النبي صلى الله عليه وسلم، ويّكذّب ـ حاشاه ـ وتُطرح كل رواياته عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولقد قفّ شعري من هذا القول الشنيع!

وثانيا: ـ

ــــــــــ

قول القائل في الفتوى عن حديث أبي بكره رضي الله عنه: " فيكون ذلك دالا على ان هذا الحديث كذب مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم وقد وجد في العصور الحديثة دول كثيرة تولت رئاستها نساء ونجحت تلك الدول نجاحات باهرة تحت رئاسة النساء نذكر من ذلك رئاسة انديرا غاندي للهند ورئاسة مارغريت تاتشر لبريطانيا"، فالرد عليه: أن هذه البلاد تقودها أحزاب عامتها من الرجال، ولاتكاد تقوم المرأة في قيادة الحزب إلا بشيء ضئيل، فهي قيادة رجالية جماعية في الحقيقة، فضلا عما في تلك البلاد من البؤس، والأدواء الاجتماعية والسياسية القاتلة، وما فيها من التيه والضياع، والإجرام الدولي، في دعم الظلم والطغيان العالميين، فعن أي نجاح باهر يتحدث المحدث عنا؟!

ثالثا:

ــــــــــــــــ

وأما الرد على بقية ما ذكره فنبين ذلك في هذا الرد والمفصل على جميع ما ذكروه من الشبه: ـ

الأدلة التفصيلية على منع المرأة من تولي الولايات العامة

الدليل الأوّل

ــــــــــــــــ

قول الله تعالى (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض) سورة النساء آية 34

ودلالة الآية على أن القوامة ـ وهي الدرجة الأعلى التي تتضمن السلطة العامة في المجتمع ـ هي للرجال دون النساء، دلالة واضحة لايمكن دفعها.

ولم يصب الذين حاولوا دفع الدلالة بعيدا عن هذا الحكم الصريح، عندما زعموا أن الآية مخصوصة بشئون الأسرة فحسب.

أولا: لان ذلك تخصيص لابرهان عليه.

ثانيا: لانه حتى لو فرض أن الآية دلت على منع المرأة من القوامة في شئون الأسرة، فإنها تدل من باب أولى على منعها الولاية العامة في شئون المجتمع، لان الشريعة الإلهية، لايمكن أن تتناقض فتجعل القوامة للرجل على المرأة في حدود الأسرة وهي من الأمور الخاصة قليلة الشأن، بينما تجعل لها القوامة على الرجال في ولاية عامة تتناول الأمور الجليلة عظيمة الشأن.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير