تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم لو سألنا هؤلاء الذين يقصرون معنى الحديث على رئاسة الدولة، ما هو السبب الذي من أجله منعت المرأة من تولى منصب رئاسة الدولة عندكم، أليس هو أنها لاتستوى والرجل في كل شيء، وأن الرجل أعلى درجة منها، ولهذا فالرجل وحده ينفرد بهذا المنصب الخطير، ثم يقال لهم: أليس هذا المعنى نفسه متحققا في سائر الولايات العامة.

ونقول لهم أيضا: إنكم متناقضون أشد التناقض عندما تمنعونها من رئاسة الدولة، معللين ذلك بأن هذا المنصب لا يليق بالمرأة وينبغي أن يقتصر على الرجال، لان المرأة عاطفية شديدة التقلب في مزاجها، وقد ميزت بالرقة والحنان والعطف الذي قد يتعارض مع حاجة هذا المنصب للحزم والشدة أحيانا، تتناقضون عندما تمنعونها من هذا المنصب لهذه الأسباب، ثم تسمحون لها بغير ذلك من الولايات العامة مع أن فيها نفس المعنى!!

ونسألهم أيضا: ما المقصود برئاسة الدولة، هل هي رئاسة الوزراء، أم منصب رئيس الدولة، وهل يجوز لها أن تكون رئيسة حزب سياسي، وإذا نجح هذا الحزب بأغلبية وجعل إليه تكليف تشكيل الحكومة، هل يجوز أن تصبح رئيسة الحزب هي رئيسة الحكومة التي شكلها حزب الأغلبية، أم تستقيل حينئذ لأنها لم تعد تصلح لمنصب رئيس الوزراء، وهل يجوز لها أن تكون رئيسة البرلمان؟

فإن قلتم لا يجوز لها أن تكون رئيسة البرلمان، تناقضتم لانها إذا صارت نائبة في المجلس جاز لها أن تكون رئيسة له وفق القوانين واللوائح، وأيضا فإن المعنى الذي من أجله منعتموها من رئاسة المجلس متحقق في كونها نائبة فيه، وإن قلتم نعم يجوز لها أن تكون رئيسة البرلمان، تناقضتم إذا منعتموها من رئاسة الوزراء، فيقال لهم لماذا منعتموها من رئاسة الوزراء، وأجزتم لها أن تكون رئيسة البرلمان، وأن أجزتم لها أن تكون رئيسة للوزراء في حال تكون فيه ذات ولاية عامة مباشرة على كل شئون الأمة في نظام الدولة الحديث، فلماذا منعتموها من أن تكون رئيسة للدولة، وما الفرق بينهما؟

ولاريب أنهم لن يجدوا بدا من الوقوع في التناقض، فإما أن يجيزوا لها أن تكون ذات ولاية عامة حتى لو كانت رئيسة الدولة، فيصادموا نص الحديث ويعطلوا مقتضاه بالكلية، إما هذا أو يتحكمون بغير برهان، فيجيزون لها تولي بعض الولايات العامة التي يكون فيها نفس المعنى الذي من أجله منعت من الرئاسة العامة، ويمنعونها من بعض الولايات العامة الأخرى، وفي هذا من التناقض البين ما يدل على بطلان قولهم قطعا.

ونقول أيضا للمنتسبين إلى علم الشريعة الذين يخصصون دلالة حديث (ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة) بغير دليل، ويقصرون التحريم على منصب رئاسة الدولة فقط، نقول لهم: إن المطالبين اليوم بمنح المرأة حق الترشيح والانتخاب، إنما ينطلقون من مبدأ علماني لاديني، مبني على المساواة بين الرجال والنساء في كل شيء، في جميع الواجبات والحقوق بلا استثناء، وسوف يطالبونكم يوما من الأيام بالتراجع أيضا عن تحريم منصب رئيس الدولة على النساء، وسوف يسألونكم ما الفرق بين منحكم المرأة حق تولي رئاسة الوزراء، أو رئاسة حزب سياسي ذي أغلبية، أو رئاسة البرلمان، ومنعكم إياها من رئاسة الدولة في نظام الدولة الحديث الذي يحدد مهام رئيس الدولة في اختصاصات معينة لا يتعداها، وسوف تحارون جوابا وتغلبون؟ فخير لكم أن تتمسكوا بظاهر النص وعمومه، من أن تخصصوه بغير برهان سوى التحكم المحض.

... الرد على من قال إن عائشة رضي الله عنها تولت الولاية العامة

وأما قول من قال: إن عائشة رضي الله عنها، تولت الولاية العامة عندما قادت الجيش إلى العراق بعد مقتل عثمان رضي الله عنه، وأن هذا يدل على جواز تولي المرأة الولاية العامة،

فهو مردود عليه بما يلي:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير